مدخل للشاعر محمد جارالله: ما جاك منّي أي زله وتقصير كل ما خطيت أعاتبك بابتسامه حسبي على الذكرى إذا هبت عصير ما عاد تنفع شرهتي .. والملامه من الجميل أن يسارع الإنسان بتقديم الاعتذار لمن بدر الخطأ اتجاههم، أو التقصير في حقهم، والجميل يكون أكثر عندما يتم التسامح والصفاء، وقبول الاعتذار، فقد قيل في الأمثال: (العتاب خير من الحقد) وهذا ليس معناه أن يكون العتاب دائماً في كل الأمور، لكنّه يوضّح أن العتاب بين الناس أمر محمود خاصة إذا شعر الإنسان أنه إذا أخفى ما يضمره في داخله من شعور اتجاه الغير وخاف أن يصل لدرجة الحقد –والعياذ بالله– فإنه في هذه الحالة لا بأس أن يعاتب في حدود الأدب والاحترام، وليس كل إنسان يستحق أن تعاتبه كما يقول الشاعر الكبير محمد الأحمد السدري: لا خاب ظني بالرفيق الموالي مالي مشاريهٍ على نايد الناس يا عل قصرٍ ما يجي له ظلالي ينهار من عالي مبانيه للساس دائماً يصف لنا بوح الشعر ما يحدث في ميدان الحياة الفسيح من بعض المواقف، ومشاعر الشعراء اتجاه تلك المواقف التي تحدث وتؤثر على نفس الإنسان وفي هذا الاتجاه يقول الشاعر بندر بن سرور: يا صخيف الذرعان ماني بمرجوج رجتني الدنيا بغدرٍ .. وحيله وقد ترجم العديد من الشعراء منذُ قديم الزمان بوحهم وعتابهم في الكثير من جوانب الحياة المتعددة ومنها الاعتذار والعتاب وذلك من خلال قصائدهم الشعرية ومن تلك القصائد المشهورة ما أنشده الشاعر والفارس راكان بن حثلين العجمي: اشره على الطيّب ويشره عليّه وراه يا خذ عشقتي ما تناني ليته صبر عامين ولا ضحيّه حتى يميّز غربتي ويش جاني أما قعد راكان فالمهمهيّه ولاّ رجع يصهل صهيل الحصاني وربما يرد العتاب في أي لحظة، وقد يحدث من أقرب الناس مثل: الأخوان والأصدقاء والأقرباء والزملاء والأزواج الخ... ومن البوح الجميل بلغة عتاب المحب والأحاسيس الصادقة والعفوية، هذا البوح للشاعرة تذكار الخثلان: كنت أتوقع قبل لا جيك تسبقني وألقى في قلبك بعد هالعمر لي خانه حسبت لكن حسابي خان وأرهقني ولقيت نفسي في آخر شي خسرانه ومن الأشعار القديمة والجميلة التي لا زالت تعيش معنا حتى وقتنا الحاضر وتردد دائماً: قصيدة حاتم الطائي المشهورة التي يعاتب فيها زوجته نوار عندما لامته على كرمه فأنشد بمفردات مؤثرة في النفوس: مهلاً نوار أقلي اللوم والعذلا ولا تقولي لشيء فات ما فعلا؟ ولا تقولي لمالٍ كنتُ مُهلكهُ مهلاً وإن كنتُ أعطي الجن والخبلا يرى البخيلُ سبيل المالِ واحدةً إن الجوادَ يرى في مالهِ سُبُلا إن البخيلُ إذا ما ماتَ يتبعهُ سوءُ الثناءِ ويحوي الوارثُ الإبلا فاصدُق حديثك إن المرء يَتبَعُهُ ما كان يبني إذا ما نعشه حملا ليت البخيل يراهُ الناسُ كُلهمُ كما يراهم فلا يقرى إذا نزلا لا تعذليني على مالٍ وصلتُ بهِ رحماً وخيرُ سبيلِ المالِ ما وصلا ومن الجميل أن يبوح الشاعر عن مشاعره عندما يحس بالظلم من أهل الأعمال المشينة، وتقتضي الحكمة أن يتجنّب مخاطبتهم، ويكون أسلوب العتاب موجها فقط للذين يتصفون بفعل الجود، وأهل الطيب كما يقول الشاعر سلطان بن محمد بن نمر القحطاني: مالي على الخايب دليلٍ أبا انصاه مشروهنا والله على الطيبيني والعتاب عندما يكون بابتسامة وبشاشة واحترام لمشاعر الآخرين الذين يستحقون الاحترام والتقدير، وبأسلوب حسن ولين، لاشك أنه سوف يؤثر في النفوس الطيّبة وذلك من أجل الوصول للهدف المقصود وهو عدم المشاحنة أو الفرقة يقول الشاعر حمد بن ناصر أبو ظهير في الحث على عدم المشاحنة، وقبول الاعتذار: لابد من نامت عيونه يفيقي ويقنعك عذره لانصاك وسمعته ولابد من قبرٍ هيالٍ يضيقي وكم طيّبٍ لاجاه علمي فجعته كما يجب على الإنسان الواثق من نفسه وصدق نواياه أن يتقبّل الاعتذار والعتاب والتوجيه بروح صافية ولين وتسامح، فإن أقرب شيء لنفس الإنسان هو الصدق والوضوح، وعدم لبس الأقنعة التي تخفي الوجوه الحقيقية فلا يمكن لأحد أن ينكر أثر الاعتذار والعتاب في حياة الناس. قبل النهاية للشاعرة أشواق السعودية: ما تلحق الشرهات منبوذ الأفعال اللي موالفته دروب الرذاله خلّه يقول ويكثر القيل.. والقال يبطي ولا يوصل مقاصد مقاله جاهل ولا يتبع سوى قول جهّال والكذب يالجاهل قصارٍ حباله بندر بن سرور