في أوائل يوليو من عام 2018 وبمنطقة سكنية في بروكسل؛ ألقت الشرطة الخاصة البلجيكية القبض على أمير سعدوني (38 عاما) ونسيمة نعامي (33 عاما)، وهما إيرانيان يحملان الجنسية البلجيكية؛ حيث ضبطت بحوزتهما 500 غرام من مادة "تي أيه تي بي" المتفجرة وجهاز تفجير، واشتبه حينها بأنهما حاولا تنفيذ تفجير في ضاحية فيلبنت في باريس، خلال تجمع نظمه "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية المعروف باسم مجاهدي "خلق" والذي ضم نحو 25 ألف شخص شاركوا فيه. في غضون ساعات من التحقيق عقب القبض عليهما كشفت النيابة العامة البلجيكية أن دبلوماسيا إيرانيا في السفارة الإيرانية في فينا كان على اتصال بالزوجين، وقد أوقف في ألمانيا؛ ليتبين بعدها أنه الدبلوماسي الايراني أسد الله أسدي، والذي قبض عليه بعدها، أعلن المدعي العام الألماني أن المتهم هو عنصر مخابرات في النظام الإيراني، وقد قدم المتفجرات للزوجين اللَّذَين تم القبض عليهما في بلجيكا، ووصفته صحف نمساوية بأنه القنصل الثالث للسفارة الإيرانية في فينا؛ لكنه لا يتمتع بحصانة دبلوماسية في ألمانيا. ورويدا رويدا بدأ الضباب ينجاب عن المشتبه بهم والذين تبين أنهم شبكة أو عصابة مكلفة من إيران؛ حيث اعترف الزوجان المحتجزان في بروكسل من خلال استجوابهما أنهما حصلا على عشرات آلاف اليوروهات من عناصر مخابرات في النظام الإيراني؛ وفي غضون ذلك اعتقلت الشرطة الفرنسية مشتبها به آخر للاشتباه في تورطه مع الزوجين في بلجيكا وتعاونه في الهجوم الإرهابي ضد مؤتمر مجاهدي خلق حيث تم تسليمه إلى الشرطة البلجيكية بأمر من محكمة فرنسية. ومنذ ذلك الحدث؛ تسبب المخطط الإرهابي للنظام الإيراني بتفجير تجمع مجاهدي خلق بباريس في توتر دبلوماسي خطير؛ حيث طوال عامين ظلت إيران عبر خارجيتها تدين اتهام المشتبه بهم، وتشكك بمختلف النتائج التي أسفرت عنها التحقيقات؛ وفي أهلية المحاكم التي تتناول القضية والتحقيق في ملابساتها؛ فيما استمرت التحقيقات على قدم وساق؛ حيث عثر لاحقا على وثائق مهمة للغاية في منزل المشتبه بهما وعلى محادثات إلكترونية تضمنت أنه حال نجاح العملية الإرهابية فسوف يحصل المنفذون على مكافأة كبرى؛ واتضح من التحقيقات بما لا يدع مجالًا للشك أن الزوجين المشتبه بهما كانا يدركان ما يفعلان، ولم يكن هناك أي نوع من التهديد لهما بل كان الحصول على الأموال هو ما حركهما. الحدث الجلل والجريمة الإرهابية عادت للتناول والتداول الإعلامي هذين اليومين مع انعقاد الجلسة الثانية لمحاكمة الدبلوماسي الإيراني الإرهابي أسد الله أسدي وشركائه الثلاثة في بلجيكا؛ وفي بادرة هي الأولى منذ وقوع الجريمة؛ فقد طالبت النيابة في الجلسة الأولى بسجن المتهمين لفترات تتراوح بين خمسة عشر عاما وعشرين عاما، بالإضافة لسحب الجنسية البلجيكية من ثلاثة منهم، وأكد المدعي العام أن الهدف الأساس من هذه المؤامرة التي تم إحباطها كان اغتيال رئيسة المعارضة الإيرانية المنتخبة مريم رجوي، وأن الدبلوماسي الإرهابي أسدي أصدر تعليمات للزوجين سعدوني ونعامي بتركيب القنبلة في أقرب مكان لها، وأن الأدلة تشير إلى تورطه بقيادة العملية؛ وأن السلطات العليا بالنظام الإيراني وافقت عليها بل وأمرت بتنفيذها. في السياق ذاته فقد كشف المدعي العام البلجيكي أن طهران كانت وراء هذه العملية الإرهابية، وأن أسدي استخدم غطاءه الدبلوماسي لتنفيذها، وأن دوره لم يكن بمبادرة فردية، بل امتدادا لتورط النظام بأكمله فيها. في غضون ذلك عقد السيد فرزين هاشمي عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، يوم الخميس 3 كانون الأول، مؤتمرا صحفيا مقتضبا قبل بدء المحاكمة، أكد فيه أن تصريحات خارجية النظام الإيراني حول عدم اختصاص المحكمة البلجيكية بالحكم في هذه القضية هي ادعاءات سخيفة؛ خاصة أن محاكم ملالي إيران بالمقارنة؛ اعتادت إصدار أحكام الإعدام في غضون بضع دقائق، دون أي إجراءات قانونية، مشيرا إلى أن هذه المحكمة لديها الصلاحية للتعامل مع هذه القضية، وأن التهديدات التي أطلقها أسدي في 9 مارس 2020 لا تغير المسار؛ معتبرا أن الاستسلام لها ستكون نتائجه عكسية تشجع النظام على الإرهاب، وأن الوقت قد حان لمحاكمة قادة النظام، الذين هم العقل المدبر الحقيقي لمئات الأعمال الإرهابية في جميع أنحاء العالم، وتعليقا على مزاعم أسدي التي ادعى فيها أن "الناس يراقِبون وسيكون ثمة انتقام حال ادانته"؛ قال هاشمي: "إن هناك بالطبع ملايين من الناس يراقبون هذه القضية وهذه المحكمة، ولكن ليس للانتقام، بل أملا بقضاء نزيه يتصرف بشكل مستقل وخال من أي اعتبار سياسي. وذلك بالتزامن مع ما أصدره أعضاء بالبرلمان الأوروبي من بيان دعوا فيه الاتحاد الأوروبي إلى سياسة حازمة تجاه نظام الملالي، وأيدوا دعوة السيدة رجوي الرئيسة المنتخبة للمقاومة الإيرانية والتي حثت الاتحاد الأوروبي على تصنيف قوات الحرس ووزارة الاستخبارات ككيانات إرهابية وسحب الصفة القانونية لعملاء النظام الإيراني سواء كانوا لاجئين أو حاملين للجنسية وطردهم من أوروبا. وربط عودة العلاقات الدبلوماسية الطبيعية، بدفع النظام الإيراني للتعهد بضمانات تقتضي الامتناع عن الأعمال الإرهابية على الأراضي الأوروبية".