مدينة الأمير عبدالله بن جلوي الرياضية تستضيف ختام منافسات الدرفت    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل    أمير الشرقية يفتتح أعمال مؤتمر الفن الإسلامي بنسخته الثانية في مركز "إثراء"    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    تهديدات قانونية تلاحق نتنياهو.. ومحاكمة في قضية الرشوة    لبنان: اشتداد قصف الجنوب.. وتسارع العملية البرية في الخيام    مذكرة تفاهم بين إمارة القصيم ومحمية تركي بن عبدالله    الاتحاد يخطف صدارة «روشن»    دربي حائل يسرق الأضواء.. والفيصلي يقابل الصفا    انتفاضة جديدة في النصر    ارتفاع الصادرات السعودية غير البترولية 22.8 %    برعاية ولي العهد.. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    «التراث» تفتتح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    المنتدى السعودي للإعلام يفتح باب التسجيل في جائزته السنوية    جامعة الملك عبدالعزيز تحقق المركز ال32 عالميًا    لندن تتصدر حوادث سرقات الهواتف المحمولة عالمياً    16.8 % ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية في الربع الثالث    «العقاري»: إيداع 1.19 مليار ريال لمستفيدي «سكني» في نوفمبر    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    «الأرصاد» ل«عكاظ»: أمطار غزيرة إلى متوسطة على مناطق عدة    صفعة لتاريخ عمرو دياب.. معجب في مواجهة الهضبة «من يكسب» ؟    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    5 فوائد رائعة لشاي الماتشا    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    السجل العقاري: بدء تسجيل 227,778 قطعة في الشرقية    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمير نجران: القيادة حريصة على الاهتمام بقطاع التعليم    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    تحت رعاية سمو ولي العهد .. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي.. تسخير التحول الرقمي والنمو المستدام بتوسيع فرص الاستثمار    محافظ جدة يطلع على خطط خدمة الاستثمار التعديني    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    نهاية الطفرة الصينية !    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    «كل البيعة خربانة»    مشاكل اللاعب السعودي!!    انطلق بلا قيود    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    السلفية والسلفية المعاصرة    دمتم مترابطين مثل الجسد الواحد    شفاعة ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ تُثمر عن عتق رقبة مواطن من القصاص    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الرياض» تكشف خبايا المشروع السياسي للولي الفقيه من الفكرة إلى التنفيذ (2/2)
نشر في الرياض يوم 10 - 12 - 2020

اعتمدت السياسة الخارجية الإيرانية في مشروعها تجاه الدول العربية على ثوابت عديدة كما أشرنا لها في الحلقة الأولى، واتخذتها أساساً ومنطلقاً لتصدير ثورتها وبسط نفوذها على المنطقة العربية.
وللتغطية على مآربها الحقيقية، فقد اتخذت من القضية الفلسطينية غطاءً لكسب التعاطف العربي والإسلامي، ومن معاداة الولايات المتحدة وإسرائيل شعاراً لها، ومن استغلال الأقليات الشيعية في الدول العربية جسر عبور في الوصول لمخططها المرصود، وأسست كيانات ومؤسسات ودوائر لتساعدها على تحقيق هدفها المنشود.
المشروع الصفوي يتلاشى على وقع «صحوة الشعوب»
أولاً: المؤسسات الداعمة
أسس النظام الإيراني سلسلة من الكيانات والمؤسسات لتكون أجنحة سياسية مساعدة لوزارة الخارجية على تحقيق إستراتيجيتها، ومن أهمها الآتي:
أ. مركز حوار الحضارات، ويتبع لرئاسة الجمهورية، ويقوم على ترويج الثقافة والحضارة الإيرانية وتلميع صورة النظام تحت عنوان الحوار لكسب المؤيدين، وذلك من خلال بناء علاقات مع مفكرين ومثقفين علمانيين وليبراليين عرب، إضافة إلى دعم المؤتمرات القومية والوطنية العربية.
ب. المستشاريات الثقافية الإيرانية، وتقوم على تدريس اللغة الفارسية، ونشر الثقافة، وكسب المتعاطفين ونقلهم لإيران لتغذيتهم بالأفكار، ومن ثم تجنيدهم خدمة للمصالح الإيرانية عبر تقديم المغريات المادية والمعنوية.
ج. مجمع التقريب بين المذاهب، والذي جرى تأسيس المجمع بأمر من علي خامنئي عام 1990م، ويقوم بالأعمال الدعائية لإبعاد تهمة الطائفية عن النظام الإيراني، ودعم مشروع نشر التشيّع في الدول العربية، والتقرّب من الحركات الصوفية، ومنح أصحابها أنساباً وأصولاً تعود إلى آل البيت، إيذاناً بتشيعهم لاحقاً، وذلك تحت عنوان الوحدة الإسلامية.
طهران لعبت على التناقضات العربية.. والنفاق الغربي
د. المجمع العالمي لأهل البيت، والذي أسس المجمع علي خامنئي عام 1990م، وهو تنظيم سياسي بواجهة دينية، ويعمل على وضع الخطط وعقد المؤتمرات والندوات ونشر المطبوعات الشيعية والفارسية في العالم، ومراجعة ما تم إنجازه في الأعوام السابقة.
ه. منظمة التبليغ الإسلامي، وتقوم بالإشراف على الحسينيات والمراكز الدينية الشيعية في الخارج وتقديم الدعم والرعاية لها، ومدها بقراء المراثي، إضافة إلى عقد المؤتمرات والندوات وطبع الكتب الدينية وتوزيعها بالمجان، لنشر ثقافة التشيّع وتمجيد النظام ورموزه.
و. الحوزات الدينية في الخارج، وتقوم على نشر تعاليم العقيدة الشيعية، وقبول الطلبة من غير الشيعة، وإعطائهم المنح الدراسية في قم، إضافة إلى توزيع الكتب الدينية مجاناً.
ز. ممثليات مرشد الثورة في الخارج، وتقوم على تقديم الدعم المالي لطلاب الحوزات الدينية، والإشراف على أداء عمل المؤسسات الإيرانية في الخارج، بعض الممثليات دينية وأخرى سياسية وخدمية....، وجميعها تروّج مرجعية ولي الفقيه.
ح. المدارس الإيرانية في الخارج، وتعمل على نشر الثقافة الإيرانية من خلال تدريس غير الإيرانيين مجاناً، وبناء علاقات مع غير الإيرانيين وكسبهم لصالح ولي الفقيه.
ط. لجنة الإمام الخميني الإغاثية، وتقدم هذه المؤسسة المعونات المالية والخدمات الصحية والاجتماعية للمتشيعين، وتعد من المؤسسات الثورية، ولها فروع في العراق وسورية ولبنان وغيرها من البلدان.
ي. مؤسسة جهاد البناء، وتقوم بمد خطوط الكهرباء وحفر الآبار ومدّ أنابيب المياه وبناء المساكن والمدارس والطرق والمستشفيات، تشجيعاً للمناطق السكانية على التشيّع، إضافة إلى إيجاد الوظائف، ولها فروع في العراق وسورية ولبنان، وغيرها من البلدان.
ثانياً: معطيات المشروع
أ. الموضوعات الأساسية في المشروع الإيراني تجاه الدول العربية ثابتة في معظمها، وعدائية تدخلية في جزء كبير منها، لكنها أحياناً براغماتية لأسباب متعلقة بإنشاء محاور معاضدة لها.
ب. تعتمد الخارجية الإيرانية في تطبيق مشروعها على سياسة غير تقليدية، متبعة نوعين من السياسات: أحدهما ظاهر عنصري، والآخر ديبلوماسي مستتر يعتمد على الأبواب الخلفية، وهو الأسلوب المفضل لدى النظام الإيراني لحفظ ماء الوجه، ثم الحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب.
ج. اعتمد النظام الإيراني في مشروعه استراتيجية طويلة المدى، لها إطار معين، وأدوات تنفيذ، وعناصر تقييم، وأشكال تطبيق مختلفة، تتم إدارة المشروع وفقاً لمستوى المصالح القومية المرجو تحقيقها.
د. يتبع النظام الإيراني في سياسته الخارجية البراغماتية إلى حد الانتهازية والنفاق، ويوظّف أخطاء الخصوم لصالحه، ويعمل على توظيف العناصر المتاحة القومية والدينية والثقافية لتحقيق المصلحة الإيرانية.
ه. يقوم النظام الإيراني دائماً على تغيير الأسلوب والتكتيك وبقاء الهدف والاستراتيجية، لتنفيس الاحتقان ضده كلما اضطر إلى ذلك.
و. الرئيس الإيراني مهما اختلف اسمه أو حزبه فهو الرجل الثاني في النظام، ومهمته مهمة تنفيذية، ويشرف عليه وعلى طريقة أدائه للمشروع المرشد الأعلى الذي تدور حوله السلطات كافة، لذلك لا يجب أن يكون هناك مراهنة كبيرة على انتخابات إيرانية.
ثالثاً: الدول العربية
يصنف المشروع الإيراني الدول العربية إلى ثلاثة أصناف:
أ. صنف ممانع
يضع المشروع الإيراني من خلال تصريحات رسمية لمسؤلين إيرانيين منذ عام 2005م المملكة العربية السعودية على رأس الصنف الممانع للمواقف الإيرانية ومشروعاتها ومدّ نفوذها في المنطقة العربية، لأنها الجبهة الجغرافية الكبرى، وبإمكاناتها التي تفوق في حيثياتها إيران ومشروعاتها، كالمقدسات بالنسبة لعموم مسلمي العالم، والموقع الجغرافي الذي يتحكم في مضيقين مائيين الخليج العربي والبحر الأحمر، إضافة إلى حاجة العالم لنفطها (22 %) من احتياج العالم، وترسانتها العسكرية المتطورة جداً بالمقارنة بالإيرانية.
ثم تأتي بعد المملكة بمواقفها الممانعة ضد المشروع الإيراني، مملكة البحرين، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية مصر العربية.
ب. صنف وسط
صنّف النظام الإيراني موقف بعض الدول العربية من مشروعها التوسعي في موقع الوسط، وبأنها تلجأ في علاقتها مع إيران إلى الاقتراب من الحيادية والضبابية، خشية التورط مع إيران في مواجهة مباشرة أو غير مباشرة.
لذلك يشجع النظام الإيراني هذه الدول على الخروج عن الطاعة العربية، واعتماد إستراتيجيات مثيرة للجدل، خشية استخدام النظام الإيراني الورقة الطائفية، وزعزعة أمن البلاد، إضافة إلى أمور أخرى لا يتوانى النظام الإيراني عن استخدامها.
ج. صنف مساير
يرى المشروع الإيراني أن لهذا الصنف حظوة وعلاقات واسعة مع إيران، وذلك لمشاطرتها الجغرافية، أو ارتباطاتها المذهبية، أو لسياسات آنية عدائية، أو لرمادية التعاطي مع الأجندة العربية.
رابعاً: عوامل مساعدة
استغل النظام الإيراني عوامل مهمة في رسم سياسة المشروع تجاه المنطقة العربية، ورأى أن لها أثراً كبيراً في إنجاحها.
أ. أحداث المنطقة العربية
يحاول النظام الإيراني دوماً مد نفوذه عبر أدوات مختلفة باتجاه المنطقة العربية، باعتبارها الحلقة الأضعف، لا سيما العراق، مقارنة بالجوار المحيط بإيران من اتجاهات أخرى كباكستان وتركيا وروسيا، والتي لديها القوة التي تحدّ من طموحاتها التوسعية.
ولهذا نرى أن الممر المثالي للمشروع الإيراني ذي النزعة التوسعية دائماً ما يقع باتجاه العراق الذي تعتبره إيران بمثابة المجال الحيوي الإستراتيجي لها، إضافة إلى ذلك هناك مظاهر وهن في منظومة العمل الخليجي المشترك حيث إن دول الخليج لا تزال، وبعد ثلاثة عقود من تأسيس مجلس التعاون، تعيش حال التعاون، دون أن تنتقل إلى حال الاتحاد، رغم مطالب المملكة المتكررة في القمم الخليجية بالانتقال إلى مرحلة الاتحاد، بسبب عدم وجود سياسات خارجية قائمة على أساس المصلحة المشتركة لكل دول المجلس، لا سيما أن ثمة علاقات لبعضها مع إيران أقوى من علاقاتها مع شقيقاتها الخليجية الأخرى.
ب. غياب الرؤية العربية
يرى المشروع الإيراني أن الغياب الكامل للجامعة العربية، وانعدام وجود منظومة دفاعية عربية واحدة، يشكلان عاملاً مغرياً للتحرك لملء الفراغ، لا سيما أن الجامعة العربية لم تنجح في استعادة أي أرض عربية محتلة، كما لم تنجح في حلّ الخلاف العربي وأزماته المتوالية.
ج. التقاء المشروعين الإيراني - الأميركي
اقترن المشروع الإيراني مصلحياً بالوجود الأميركي ونفوذه في المنطقة العربية، وذلك إبان إدارتي بوش الابن وأوباما، لا سيما أن للنظام الإيراني وجهين سياسيين في تعامله مع العالم، وجه تصدير الثورة المتمثل بالمرشد الأعلى، وآخر سياسي متمثل بالرئيس، والذي يخضع حتماً لأول، فاتسمت السياسة الخارجية الإيرانية بالبراغماتية، والمرونة في استثمار الوقت، في حين تتسم سياستها الداخلية بالتزمت والتصلّب إلى درجة تدعو للاستغراب.
ورأى النظام الإيراني التقاء مشروعه بالسياسة الأميركية فرصة ذهبية تاريخية لا يمكن تضييعها، فبسط نفوذه على العراق وسورية ولبنان، إضافة إلى سيطرة جزئية على اليمن وأفغانستان، بينما الولايات المتحدة مع كل التهديد الإيراني والدمار الذي سببه في المنطقة العربية تجاهلت ذلك مقابل الخدمات الجليلة التي أهدتها إيران لها في احتلال أفغانستان والعراق.
خامساً: عقدة النقص
ينظر النظام الإيراني إلى التاريخ بعين واحدة، فيحدثنا أن إيران طوال تاريخها مهيمنة على مَنْ حواليها، وبمجرد أن بعض المنطقة العربية قد خضعت للحكم الفارسي لمدة معدودة، فيحق لإيران أن تطالب بهذه الأرض، بل وتذكّر المؤسسات الدولية من وقت لآخر بحقوقها المزعومة في الأرض العربية،!، بينما تناسى النظام الإيراني أن أرض فارس قد خضعت في فترات زمنية مختلفة لأقوام آخرين من جيرانها!، كالإغريق والعرب والترك والأفغان والمغول، وهذا يجب أن يكون كافياً ليخفف من غلواء العقلية التاريخية الإيرانية التي تتذكر فقط سيطرة الفرس على غيرهم، وتتجاهل خضوع الفرس لغيرهم! وهكذا عقلية هي من يحدد علاقة إيران بالعرب.
ورفع النظام الإيراني من سقف مطالبه حيث نادى بأحقيته بالخليج العربي!، وقبله احتل النظام البهلوي أرض الأحواز العربية عام 1925م، ثم احتل الجزر الإماراتية الثلاث أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى في نوفمبر 1971م، ثم ساند نظام ولي الفقيه الولايات المتحدة التي يطلق عليها مسمى (الشيطان الأكبر) في احتلال أفغانستان عام 2001م، واحتلال العراق عام 2003م، حيث صرح محمد علي أبطحي نائب الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي في محاضرة ألقاها في 13 يناير 2004م «لولا التعاون الإيراني لما سقطت كابول وبغداد بهذه السهولة»، ثم كرر رفسنجاني رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هذه العبارة عندما قال «لولا إيران لما سقطت كابول وبغداد».
كما يقوم النظام الإيراني على إطلاق تصريحات مقصودة تجاه المنطقة العربية، وعلى لسان شخصيات رسمية تظهر التعالي القومي والتاريخي والمذهبي، وإليكم نقدم رصداً تاريخياً لتصريحات إيرانية رسمية معادية لمملكة البحرين كنموذج:
أ. أصدرت وزارة التعليم الإيرانية في عام 1951م، قراراً يقضي بأن يدرس الطلاب الإيرانيون أن البحرين تنتمي لإيران، وهي المحافظة الرابعة عشرة.
ب. أعلنت إيران قراراً في عام 1957م، بإلحاق البحرين بالتقسيمات الإيرانية، وخصصت في برلمانها مقعدين عن البحرين، كما أصدرت إيران في عام 1975م، قراراً يقضي بضم البحرين باسم الإقليم الرابع عشر إلى الأراضي الإيرانية.
ج. أطلق الخميني في عام 1980م، تصريحاته المشهورة عن البحرين، مطالباً بضمها، باعتبارها جزءاً من إيران.
د. كتب مدير تحرير صحيفة كيهان الإيرانية حسين شريعتمداري في يوليو 2007م: «البحرين جزء من الأراضي الإيرانية».
ه. تحدث النائب داريوش قنبري أمام مجلس الشورى الإيراني، وبحضور وزير الخارجية السابق منوشهر متقي، وأمام وسائل الإعلام العالمية في 27 يناير 2009م، عن أن: «البحرين كانت وحتى قبل 40 عاماً جزءاً من الأراضي الإيرانية ».
و. ادعى علي أكبر ناطق نوري رئيس التفتيش العام في مدينة مشهد الإيرانية في فبراير 2009م، تبعية البحرين لإيران: «أنها كانت في الأساس المحافظة الإيرانية الرابعة عشرة، وكان يمثلها نائب في مجلس الشورى الوطني».
ز. حذر علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الإسلامي الايراني والمستشار لخامنئي، دول الخليج العربي من التدخل العسكري في البحرين وقال: «لن يمر ذلك دون أن يدفعوا الثمن»، ما دفع حكومة البحرين لسحب سفيرها من طهران للتشاور في 15 مارس 2011م، وفي أبريل من العام نفسه لم يطالب رئيس هيئة الأركان في القوات المسلحة الإيرانية اللواء حسن فيروز آبادي بالبحرين فقط، بل بكامل الخليج العربي!، قائلاً: «إن اسم وملكية وعائدية الخليج الفارسي هي للإيرانيين حسب الوثائق والمستندات التاريخية والقانونية».
والأمثلة حول عدم اكتراث إيران بسلامة أمن الدول العربية وسيادتها على أراضيها كثيرة جداً، ولا يمكن حصرها في دراسة مصغرة، حيث لم تسلم كل دول الجوار من التصريحات الإيرانية الاستفزازية المعادية.
سادساً: بوادر الانهيار
تعد التظاهرات الشعبية التي شهدتها العراق ولبنان ضد النفوذ الإيراني ومواليها إعلاناً شعبياً عربياً عن سقوط المشروع الإيراني في المنطقة العربية بعد سنوات من ابتلاع عواصم عربية أربع، وتحقيق نظرية (الهلال الصفوي) على أرض الواقع، إحياءً لأحلامها المريضة في إعادة امبراطوريتها المزعومة.
وبات هذا المشروع عنواناً على ألسن الإيرانيين أنفسهم، إذ اعترف عام 2015م، قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري في خطاب له تداولته وسائل الإعلام: «إن التدخلات الإيرانية في المنطقة تأتي في إطار توسع خارطة (الهلال الشيعي) الذي يجمع المسلمين في إيران وسورية واليمن والعراق ولبنان».
وإليكم أهم بوادر انهيار المشروع:
أ. لقد حاولت حكومة الملالي تصدير ثورتها إلى العراق لمدة أربعين عاماً، لكن أدرك الشعب العراقي حجم الزيف الذي قدمه أتباعها من صور الخضوع للهيمنة الإيرانية، فتصاعدت حدّة الغضب الشعبي ضد الحكومة الموالية والخاضعة للنفوذ الإيراني، ما أذنت بإعلان انتفاضة أكتوبر 2019م العراقية عن سقوط المشروع الإيراني في العراق، وفشل كل المحاولات إلى الآن في احتواء الغضب الشعبي الذي يعود كل مرة أكثر حماساً وقوة من سابقه الأمر الذي فاجأ الأحزاب الحليفة لإيران.
ومن شاهد مقاطع إحراق مقرات الميليشيات والأحزاب العراقية الموالية لنظام إيران يدرك أن المشروع الإيراني في المنطقة سقط سقوطاً مذلاً بصحوة الشعوب العربية، وأن (الهلال الصفوي) المزعوم ليس شيعياً على الإطلاق، وإنما مشروع إرهابي ظلامي متخلف لإحياء الإمبراطورية الفارسية، يديره لصوص لا علاقة لهم بالمذاهب والأديان.
وتنطبق هذه الحال على سورية ولبنان واليمن، الأمر ساهم في تعميق الأزمة وتدهور الأمور داخل داخل النظام الإيراني.
ب. فقدان الثقة بين الشعب الإيراني ونظام ولي الفقيه، لا سيما مع ظهور اضطرابات داخل مشروع الهلال الصفوي من خلال الفشل الاقتصادي الداخلي لحكومة طهران، وانهيار العملة الذي انعكس سريعاً على الأوضاع المعاشية للشعب، مما زاد في مصاعب تأمين لقمة العيش، وانعكس على ثقة المودعين في المصارف الإيرانية، فالنظام المصرفي لم يعد قادراً على إجابة المودعين حول مصير إيداعاتهم التي فقدوها، وأدى إلى فقدان الثقة بين الشعب والنظام، فضلا عن تردي الخدمات في كل المجالات، خصوصاً في الجانب الصحي بعد انتشار فايروس كورونا الذي أظهر العجز الطبي وتقصير النظام في تأمين صحة مواطنيه.
ج. لقد هزّ مصرع قاسم سليماني صورة نظام ولي الفقيه، وباتت مخالبه المتوزعة في أكثر من بلد عربي هزيلة وضعيفة، وبان ذلك من خلال ضعف دعمها لميليشياتها في العراق وسورية واليمن ولبنان، فاغتيال مهندس العمليات الخارجية قاسم سليماني أحدث تغييراً كبيراً في قواعد اللعبة، فانقلبت المعادلات، وصعبت مواجهة الأحداث الداخلية والخارجية.
وهذا التصدّع سيؤدي إلى هزة لإيران في المنطقة، ولكلّ زلزال موجات ارتدادية، ومن المتوقع ألا تنجو من تبعاتها الدول المنضوية تحت عباءتها (الهلال الايراني)، لا سيما أن التظاهرات الشعبية الإيرانية لا تزال مستمرة، مع مؤشرات التدهور الاقتصادي وتراجع قيمة العملة التي باتت معالم انتكاستها شبه واضحة.
د. رفع الغطاء الأميركي عن هذا المشروع، مع انتهاء حقبة حكم أوباما، وانسحاب إدارة الرئيس ترمب من الاتفاق النووي الإيراني.
ختاماً.. لا شك أن المشروع الإيراني التوسعي في المنطقة العربية بدأ يتلاشى، هذا المشروع الذي لا يختلف عن ألمانيا النازية، أو إيطالية الفاشية، أو أي نظام شمولي في تبنيه للنزعة العنصرية والمذهبية والتوسعية، والاستهتار بالمواثيق الدولية.. والحلّ لا يمكن أن يأتي عن طريق الاحتواء أو التنازل، وإنما المواجهة الكاملة، حتى يخرج من صلب هذا النظام الإجرامي مَنْ يتخلى عن الفكر الشمولي، ويتبنى مفهوم الدولة واحترام المواثيق الدولية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول للمساهمة في أمن واستقرار المنطقة.
نظام هش.. وهذه شروط سقوطه
جبهة موحدة وفضح تماهي المشروع الإيراني والإسرائيلي
رؤية استشرافية لمواجهة المشروع
لا شك أن النظام الإيراني يفتقر إلى أن يكون مثالاً يُحتذى أو نموذجاً جاذباً يمكن تصديره، فهشاشته الواضحة اقتصادياً واجتماعياً لا يسعفه أن يكون مقنعاً حين يتحدث عن تصدير الثورة، وبات جلياً أن المقصود هو تصدير الأزمات للمنطقة العربية من خلال تصعيد الخطاب الطائفي كمدخل لنفوذه الإقليمي، وليس في سياسته الإصغاء للمطالب العربية والخليجية في الحوار واحترام سيادة الدول، مما يتطلب بإلحاح رؤية عربية - خليجية موحّدة تنحي الخلافات العربية - العربية، وتعتمد على التعاون المشترك لمواجهة هذا الخطر، وذلك من خلال:
أ. بناء استراتيجية خليجية - عربية - إقليمية دفاعية لضرورة الحفاظ على تفوق القوى باعتبار إيران تشكل تهديداً على المنطقة العربية، ومنع تحوّل توازن القوة لصالح إيران عبر تطوير برنامجها النووي، أو تطوير منظومة الصواريخ الباليستية.
وإنّ لعب النظام الإيراني على التباينات التي قد تحصل بين دول الخليج العربي أو الدول العربية يعدّ إحدى النقاط الأساسية التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار، لأن هذا النظام يسعى لتوسيع الخلافات العربية، والحيلولة دون تكوين جبهة خليجية أو عربية موحّدة من أهم أهدافه.
لذلك لا يسعى النظام الإيراني إلى التعاون مع الدول العربية وخصوصاً الخليجية بقدر ما يسعى إلى الحصول على القبول الإقليمي لسياسته، تمهيداً لتوطيد علاقته بالولايات المتحدة، وتوسيع نفوذه في المنطقة، ثم التدخل في شؤون الدول العربية، ولمواجهة هذه السياسة التوسعية يتطلب بلورة رؤية استراتيجية من خلال عقد تحالف استراتيجي خليجي عربي إقليمي لردع هذا النظام، وإيقاف طموحاته.
ولهذا يجب أن تدرك الدول العربية أن العدوى الإيرانية إذا دخلت دولة فستنتقل إلى شقيقاتها الأخريات، ليس لقوتها، بل بسبب الفرقة والتشرذم، كما أن استمرار وجودها في أي دولة يشكل جبهة لاختراق المنطقة كلّها، وأن هذا التحالف المنشود سيحدث تغييراً جذرياً في المنطقة العربية من خلال محاصرة إيران والحدّ من قدرتها على التمدد وإثارة النعرات الطائفية.
ب. مواجهة الخطر الإيراني تبدأ من تحصين الجبهة الداخلية العربية، وبناء مجتمعات متماسكة، وعدم السماح بتفتيت المجتمع أو اختراقه، والعمل على جمع مكوناته على قاعدة الاندماج، وليس على قاعدة التفريق والولاءات المتعددة، فالاستقرار الداخلي شرط أساسي في نجاح تطبيق سياسة مواجهة المشروع الإيراني.
ج. استخدام الوسائل والأدوات المناسبة في تعريف المشروع الإيراني والسياسة المتبعة لتنفيذه، سواء على المستوى الخاص الرسمي أو العام الشعبي، وتحديد طرق التعامل معها، من خلال إثارة نقاشات فكرية لنقل الصورة الحقيقية عن إيران ومشروعها وسلبية التبعية لها، ولا يجوز مقاربة الموضوع من الناحية الطائفية البحتة.
د. مواجهة الدعاية الإيرانية التي تقوم بترويج أكاذيب الممانعة والمقاومة، وتضع كلّ مَنْ يُريد صدّ مشروعها التوسعي التخريبي في قائمة الاستكبار الإمبريالي الأميركي أو العدو الصهيوني! لكن في حقيقة الأمر وأثناء حقبة باراك أوباما أن المشروع الإيراني هو نفسه المشروع الأميركي والإسرائيلي للمنطقة، بل هي مشروعات متكاملة فيما بينها، وما يظهر من خلاف فيما بينها يكون فقط على حجم الحصة، لذلك لا بدّ من كشف الصفقات السرية الإيرانية مع مَنْ تدعي خصومتهم، والتركيز على التناقضات الإيرانية في المواقف من مختلف الملفات الإقليمية، وتوظيف ذلك في تعرية مشروعها التوسعي ومواجهته.
ح. تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل وعدم الاكتفاء بموقف الدفاع، لا سيما السكوت عن تصرفات النظام الإيراني وسياساته العدوانية والتوسعية يعطي انطباعاً بالضعف، لذلك لا بدّ من خطوات مماثلة لتلك التي تتخذها إيران تجاه العرب لإعطاء رسالة سريعة وواضحة، من خلال إثارة الأقليات الأذرية والعربية والكردية والبلوشية والتركمانية والجيلاكية والتركمانية في إيران من الناحية القومية، وموضوع السنّة من الناحية الدينية، والعمل على دعم مطالبهم المشروعة، وحقوقهم المسلوبة، لا سيما أن هذه القوميات مجتمعة تشكل 60 % من سكان إيران فعلياً، لإفهام النظام الإيراني أن إمبراطوريته المزعومة ليست محصنة، وألاعيبه التدميرية في الدول العربية ليست مسألة مجانية، إضافة إلى تبني قضية الشعب العراقي سنته وشيعته، وكامل القضية السورية، ولبنان، واليمن، وعدم الغفلة عن القضية المركزية فلسطين.
ط. العمل على إنشاء مركز أبحاث عربي جامع لرصد السياسات الإيرانية السلبية تجاه الدول العربية، وتقديم الاقتراحات المناسبة لمواجهتها، ومطالبة الباحثين والإعلاميين العرب في كشف الوثائق الإيرانية السرية تجاه المنطقة العربية وتحليلها، لا سيما أن الكثير منها يستعصي فهمه أو ترجمته، وكذلك تنشيط ورعاية حركة البحث الثقافي والعلمي والأكاديمي مادياً وإعلامياً لصد الفلسفة الأيديولوجية السياسية التي تبني عليها إيران مصداتها، وأيضاً لإظهار الثقل الجماعي في مواجهة الأعمال الفردية التي لا تؤدي الغرض المطلوب منها، إضافة إنشاء محطات فضائية سياسية وثقافية موجهة باللغة الفارسية لتنشيط حركة الحوار والنقاش والدعوة وفضح أفعال النظام الإيراني وزيف ادعاءاته.
ي. إن تأخير إعلان الاتحاد الخليجي سيعطي الفرصة الكاملة للدور الإيراني لبناء مشروعه على التصدعات الفردية، لذلك لا بدّ من الإسراع في إطلاق الاتحاد الخليجي الذي أكد على أهمية ولادته خادم الحرمين الشريفين، والذي سيسهم في تأمين التوازن في المنطقة، لا سيما أن إيران تعمل بسياسة التطويق الجيوسياسي على الجزيرة العربية لفرض الأمر الواقع، وهذا يستدعي سرعة الحراك لكسر الطوق الإيراني المفروض قبل فوات الأوان.
المشروع الصفوي فوجئ بالثورة العربية ضده
مصرع مهندس الإرهاب الإيراني ضربة قاصمة لنظام خامنئي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.