وضعت وزارة الرياضة قدماً على الطريق الصحيح باتجاه ضبط التعاملات المالية في الأندية السعودية وتجويد وتحسين كفاءة الإنفاق، بعدما أصدرت تعميماً مهماً وعاجلاً للأندية يتعلق بالتعامل مع المصروفات والتبرعات المالية لضمان حقوق الأندية ووضع إدارات الأندية في خانة المسؤول عن التفاصيل المالية كافة. التعميم حمل عدة توجيهات للأندية أهمها تطبيق مبدأ المسؤولية القانونية للأندية، وعدم جواز قيام إدارة الأندية بتحميل الأندية الآثار المالية المترتبة على إنهاء العقود، واستقطاعها من الدعم الحكومي، وعدم دخول الأندية في التزامات مالية تفوق مداخيل النادي، في حين كان البند الأكثر إثارة للانتباه ذلك المتعلق بإلزام الداعمين بإيداع مبالغ الدعم عند تكفلهم بصفقات اللاعبين. مرت الأندية السعودية في العقد الأخير بحالة غير مسبوقة من الفوضى، وعلى الرغم من محاولات المؤسسة الرياضية لإصلاح هذا الخلل، إلا أن أيدي المؤسسة بمختلف مسمياتها كانت رخوة في حالات ومرتعشة في حالات أخرى، ما تسبب بالكثير من الكوارث والمديونيات المليونية الهائلة على الأندية السعودية، وساهم في بقاء أنديتنا ضيفاً شبه دائم على غرف فض المنازعات ولجان الانضباط والجهات القضائية الرياضية الدولية، وهو الأمر المرفوض باعتباره مسيئاً لقيمة وصورة المملكة ورياضتها. أكثر ما يثير الإعجاب وجود الرغبة الحقيقية - كما بين السطور - في حوكمة العمل، فمصطلح الحوكمة يعني بأبسط معانيه وجود نظام يحكم العلاقة بين الملاك - الحكومة في حالة الأندية السعودية - والعاملين داخل المنظمة (النادي) من أعضاء مجلس الإدارة مروراً بالعاملين التنفيذيين وجميع الأطراف ذات العلاقة بهذا النادي. وحمل البند الثالث من التعميم رسالة واضحة للأندية بعدم صرف مبالغ تفوق مداخيل النادي، وهو العنوان العريض لقانون اللعب المالي النظيف "FFP" الذي تبناه رئيس الاتحاد الأوروبي السابق ميشال بلاتيني، وهو الذي لطالما طالبت به وغيري من النقاد. سيكون "قانون بلاتيني" نقلة نوعية كبرى في الكرة السعودية كونه قابلا للتطبيق على عكس ما يعتقده البعض بصعوبة تطبيقه كون الأندية تتلقى دعماً حكومياً متساويا، إذ يشجع القانون الأندية على زيادة إيراداتها من أجل تحقيق مرونة مالية تمنحها الأفضلية على حساب بقية المنافسين، ما يعني ضرورة تعزيز العمل التسويقي والاستفادة من كل القنوات الممكنة لتعزيز الإيرادات. شكراً لوزارة الرياضة على هذا العمل المثير للإعجاب، إذ من الواضح أننا نعيش فترة مختلفة في العلاقة بين المؤسسة الرياضية والأندية قبل الدخول بشكل جدي في مرحلة تخصيص الأندية التي تتطلب عملاً بهذا المستوى من الإتقان ووضوح الأهداف والخطوات.