لطالما كانت مشكلة تضخم أسعار عقود اللاعبين السعوديين بشكل غير مبرر محل نقد لكثير من النقاد والمتابعين، ذلك أن هذا الارتفاع ساهم بشكل مباشر في تشبع اللاعب وغياب الحوافز التي تدفعه لتطوير قدراته، عدا عن غياب الثقافة الاحترافية من الجانبين، اللاعب والنادي لتأتي القرارات الجديدة من قبل اتحاد الكرة والتي تتماهى مع التحولات الكبرى التي تشهدها الكرة السعودية وخصوصاً في المسابقات المحلية. أثر هذا الارتفاع على مستويات اللاعبين، وانعكس ذلك بالسلب على نتائج المنتخب الوطني وتحديداً منذ دخلنا في نفق الصفقات المليونية التي بدأت بصفقة المهاجم مرزوق العتيبي، والربط بين النتائج والتحول في قيمة عقود اللاعبين يبدو منطقياً فمنذ تلك الفترة والكرة السعودية تعاني كثيراً على صعيد مخرجات الأندية في ظل تهافت غير مسبوق على المزايدات وعقد الصفقات الضخمة والتي يكون أثرها عبر المنصات الإعلامية أكبر مما ننتظره من تأثير داخل المستطيل الأخضر. قرار كهذا لم يكن خطوة تمثل ردة فعل على أداء منتخبنا في مونديال روسيا، بقدر ما كان ضرورة تتطلبه المرحلة كون مستوى اللاعب السعودي يتجه نحو الانحدار بشكل غريب، في ظل انعدام فرص احترافه خارجياً بنسبة كبيرة نظير صعوبة حصوله على أجر يوازي ما يتقاضاه عند بقائه في المملكة، ما يعني أن القرار سيدفع الكثير من اللاعبين للاحتراف خارجياً وهو المطلوب في نهاية الأمر. كان لا بد من اتخاذ خطوة كهذه، لكن نجاحها مرهون بالتطبيق، إذ نتذكر ما فرضته لجنة الاحتراف إبان وجود الدكتور عبدالله البرقان في قيادتها من تحديد سقف أعلى لا يزيد على المليونين و400 ألف ريال في الموسم الواحد، وهو رقم يظل كبيراً، ومع ذلك نجحت الأندية بالتحايل عليه في ظل انعدام الرقابة. لا يبدو أن هذا الأمر سيتكرر، فالرقابة المالية أصبحت أفضل على إيرادات ومصروفات الأندية، ولم يعد لرؤساء الكيانات الرياضية حرية التصرف كما شاؤوا بأرقام العقود في ظل قرب اتحاد الكرة ومن خلفه هيئة الرياضة للأندية ومساعدتها مالياً وهي المساعدة التي لن تكون مفتوحة للجميع. في هذا الجانب تحتاج الكرة السعودية للكثير من التشريعات والأنظمة، والفرصة الآن باتت سانحة أكثر من ذي قبل للتفكير جدياً بتطبيق مبدأ اللعب المالي النظيف «FFP» والذي تتمثل فكرته الأساسية وببساطة بعدم إنفاق الأندية مبالغ تفوق إيراداتها على عقود اللاعبين وأجورهم الشهرية وكذلك العاملين في الأجهزة الإدارية والفنية في فريق كرة القدم. سيكون تطبيق هذا المبدأ والقانون ذا أكثر كبير على دفع الأندية للتوازن المالي، وسيكون بداية لنهاية حقبة الهدر والعبث المالي خصوصاً وأن الأندية مقبلة على مرحلة التخصيص والتي لا يمكن أن تحقق أدنى نجاح دون القضاء على معضلة المديونيات ووضوح في الأنظمة المالية وتطبيق الحوكمة وغيرها من المعايير. Your browser does not support the video tag.