أزاحت الباحثة والكاتبة المبدعة الأستاذة هدى الشمري الستار عن جانب مضيء في رحلة الروائية السعودية الحائزة على جائزة البوكر في الرواية العربية رجاء عالم حينما اختارت لبحثها شهادة الدكتوراه التي تمت مناقشتها الشهر الماضي في أروقة جامعة الملك عبدالعزيز، أقولُ وضعتْ قلمها البحثي كما أشارتْ في مستخلصها هكذا: «تسليط الضوء على... أنواع الحوار الدرامي في مسرح رجاء عالم، وذلك بتوظيف المنهج البنيوي التكويني ومحاولة معرفة كل الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي وجدت في صراع الأبطال مع واقعهم، من خلال تفسير لغة الحوار في بنيتيها السطحية والعميقة...» وبذلك كشفت الباحثة (.. عن مدرسة رجاء عالم الدرامية ومدى استفادتها من التيارات العالمية للمسرح...) والحقيقة أن هذه الدراسة تلفت الانتباه تماما إلى بعض الزوايا الواقعة دائما في منطقة الظل من تاريخ المبدع، لا بسبب كون تلك الزوايا أقل من الضوء وأولى بالظل، بل لوجود المبدع دائما في حالة مشمسة من جهة واحدة، كما هو شأن روائيتنا الكبيرة رجاء عالم.. تلك التي تسبب وهجها الروائي العظيم في إخفاء زاوية نوعية ومهمة تتمثل في مسرحياتها، وحتمًا لقصور في اطلاعي تناولتُ خبر هذه الدراسة حينما تناقلته بعض الصحف بدهشة خجولة، كيف لي أن أعرف اليوم فقط أن لرجاء عالم عالما آخر موازيا لا يقل بأي حال عن حضورها الثري في فن الرواية حتى جاء أخيرًا ليكون بحثا لرسالة دكتوراه، يكشف لنا جانبا جديدا يتمثّل في همة باحثة نوعية ما زال يتردد في أذنها قول جدنا المتنبي: إذا غامرتَ في شرفٍ مرومِ فلا تقنع بما دون النجومِ والواقع أن اطلاعي على جزء يسير من الدراسة جاء بكرم من الباحثة، حيث أرسلت لي صفحات منها كانت كفيلة بأن تكشف لي حجم الحضور العميق للروائية الكبيرة رجاء عالم في فن المسرح، وكيف أن مبدعة ثرية مثلها كان يمكن أن يتساقط جزء كبير من إبداعها، لولا همّة باحثة مجددة اختارت هذه الزاوية لتقدمها وجها آخر للدارسين في المستقبل... فاصلة : من مسرحية الموت الأخير للممثل لرجاء عالم، صفحة 61. (... السمراء: سنحلم بك قصيدة.. ترحل في رمل الصحراء لا يطالها عطش.. تنشد وتنشد حتى لا يبقى سائر في الليل إلا ويسمعك. المعلم: وقد أظمأ، لكنني لن أقف.. أنا واعٍ تماما بكل ذرة عطش قادمة.. !...)