تتجه الهند إلى النفط السعودي عوضاً عن النفط الإيراني، في ظل محاولات الهند تجنب الواردات الإيرانية وسعي شركات النفط الهندية لوقف تعاقدات الخام الإيراني وتضييق حدود القطري وسط انعدام الموثوقية والمصداقية والسمعة لكلا البلدين اللذين تشوب تعاملاتهما الشبهات. وبالفعل نجحت شركة النفط الهندية التي تديرها الدولة من إزاحة حوالي 60% من أحجام النفط الإيراني واستبدالها بتدفقات متزايدة من المملكة العربية السعودية. في وقت تحتفظ أكبر مصفاة تكرير في الهند، بخياراتها للتوقيع على مزيد من الصفقات طويلة الأجل للخام السعودي. وبلغ مجموع صادرات المملكة البترولية للهند 6,8 ملايين برميل للتسعة أشهر الماضية من 20 يناير التي بلغت شحنتها 531 ألف برميل يومياً حتى 20 سبتمبر الفائت التي بلغت حمولاتها 739 ألف برميل يوميا، بينما سجلت أعلى صادرات النفط الخام السعودي للهند في 20 يوليو التي بلغت 1,243 مليون برميل في اليوم. وتضع الهند أمال كبيرة على موثوقية البترول السعودي الذي يمتاز بتنوع درجاتها من الخفيف للمتوسط للثقيل حيث تظل الإمدادات النفطية السعودية الأكثر استقراراً على مدى التسعة أشهر الماضية من حيث الحجم بمتوسط 700 ألف برميل يومياً، وهو مالم تستطع مجاراته الدول الأخرى المصدرة للهند. كما تخطط الهند لتحالفات سعودية ضخمة في الطاقة ودعوة المملكة للمشاركة في برنامج الاحتياطي النفطي الاستراتيجي الهندي والذي تؤمل الهند بلوغه 87 مليون برميل بحلول عام 2026، وتأتي التطورات في رغبة الهند أن تصبح الشريك التجاري الأول للمملكة في صناعة الطاقة في النفط والتكرير، في الوقت الذي تخوض أكبر مصافي الهند مفاوضات متقدمة لمشاركة أكبر منتج ومصدر مستقل للنفط الخام في العالم، شركة أرامكو السعودية في مشروع عالمي ضخم للبتروكيميائيات والتكرير والمنتجات المتخصصة. إلى ذلك قالت مصادر في السوق إن الزيادات المتوقعة في معدلات تشغيل المصافي الهندية، على خلفية زيادة الطلب المحلي على منتجات النفط قرب نهاية العام، حفزت مشتريات النفط الخام من مصافي التكرير الهندية في الأسابيع الأخيرة. وبدأ الطلب الفوري الإضافي على النفط الخام في الظهور من مصافي التكرير الهندية مع سماع أن البعض قد أجرى المزيد من المشتريات تسليم ديسمبر من الأشهر السابقة. وبخلاف إمدادات البترول السعودي لقد سُمع أن شركة النفط الهندية المملوكة للدولة قد اشترت مليوني برميل من نفط غرب إفريقيا الخام لتسليم ديسمبر في مناقصة هذا الشهر، بينما سمع أن شركة بهارات بتروليوم المحدودة قد اشترت ما لا يقل عن 4 ملايين برميل من مختلف أنواع النفط الخام من المملكة ودول أخرى. في غضون ذلك، سُمع أن شركة ريلاينس الهندية العملاقة حليفة شركة أرامكو السعودية اشترت حوالي أربعة ملايين برميل من خام الشرق الأوسط للتحميل في ديسمبر، يحمل غالبيته البصمة السعودية على الشحنات، حسبما ذكرت مصادر السوق في الشحن. وقال تاجر نفط خام: "نحن نشهد بالتأكيد بعض عمليات الشراء من المصافي الهندية لبراميل الخام يشكل أغلبه السعودي تسليم ديسمبر". وقالت مصادر إن مصافي التكرير الهندية تتطلع إلى رفع معدلات تشغيلها في الربع الأخير من أكتوبر إلى ديسمبر حيث من المتوقع أن ينتعش الطلب على الديزل والبنزين مع تخفيف القيود على الحركة وموسم الأعياد المقبل. وفي سبتمبر، تحسن متوسط التشغيل لجميع فئات المصافي في الهند إلى 86٪ مقارنة ب76٪ في الشهر السابق، وفقًا لأحدث مسح أجرته وزارة النفط في 26 أكتوبر. وأشارت مصادر السوق إلى أن مصافي التكرير الهندية قد تزيد معدل معالجتها إلى 90٪ بحلول نوفمبر و100٪ أو أكثر بحلول ديسمبر. وقال مسؤول بوزارة النفط: "نتوقع أن يصل الطلب على النفط وتشغيل المصافي إلى مستويات ما قبل الأزمة الوبائية في الربع الأول من عام 2021".وقدمت الهند، ثاني أكبر مستهلك للنفط في آسيا، إغلاقًا لفيروس كورونا على مستوى البلاد اعتبارًا من 25 مارس لمدة شهرين ونصف، وبدأت في تخفيف إجراءات الإغلاق في يونيو مع السماح بمعظم الأنشطة الاقتصادية مع بروتوكول التباعد الاجتماعي. وقال تاجر نفط خام في مصفاة هندية "لقد قبل الناس أنه يتعين عليهم التعايش مع الفيروس حيث بدأ اتجاه جديد في الهند مع تحول الطلب من وقود الطائرات إلى الديزل ومعظمه من البنزين". وأظهرت أحدث البيانات الصادرة عن خلية التخطيط والتحليل البترولي أن استهلاك الهند المحلي من البنزين وصل إلى أعلى مستوى في سبعة أشهر عند 2.45 مليون طن متري في سبتمبر، مرتفعاً للشهر الثاني على التوالي بنسبة 2.91٪. وكان آخر ارتفاع في فبراير عند 2.511 مليون طن متري. وأظهرت البيانات أن سبتمبر يمثل أيضًا المرة الأولى منذ فبراير التي تجاوز فيها استهلاك البنزين في الهند مستوى العام الماضي البالغ 2.37 مليون طن متري، بزيادة قدرها 3.19٪. وفي الوقت نفسه، ارتفع استهلاك الهند من زيت الغاز بنسبة 13.2٪ على أساس شهري إلى 5.49 مليون طن متري في سبتمبر، حسبما أظهرت أحدث البيانات. وقالت مصادر في الصناعة إن تخفيف القيود المتعلقة بفيروس كورونا ساعد في تحفيز الطلب على نواتج التقطير الوسيطة مما أدى إلى عودة استهلاك زيت الغاز إلى ما فوق مستوى 5 ملايين طن متري، بعد انخفاضه إلى أدنى مستوى في أربعة أشهر في الشهر السابق. وقال تاجر نفطي "إذا استمر اتجاه الطلب على هذه المنتجات النفطية، فسوف يستنفد المخزون وسيتعين على المصافي زيادة معدلات التشغيل".