إن التوعية والتثقيف بالتاريخ السياسي للمملكة العربية السعودية الحصيف والقرارات الحكيمة التي تتخذها والجهود والدعم السياسي والمادي للدول الصديقة والعربية والإقليمية على كافة المستويات، وكيفية التعاطي معها وامتداد هذه العلاقات الدبلوماسية حتى وقتنا الحاضر باعتقادي يعتبر من أهم القضايا المعاصرة التي يجب أن تدرك, ويكون محل اهتمام بالغ من المؤسسات الأكاديمية والإعلامية والثقافية وتعزيز الوعي بالمقتضيات العصرية والمتغيرات السريعة والمستجدات الطارئة على المستوى السياسي والاجتماعي والفكري والقيام بالدور الحقيقي بتعبئة أبناء الوطن وتحصينهم وتوعيتهم بالمعرفة والفكر وبالمهارات الاجتماعية والشخصية ليكونوا على قدر كبير من الوعي والتبصر في دعم القرارات الوطنية السيادية المستقبلية التي تهم وتعزز أمننا واقتصادنا ودورنا الإقليمي والعالمي وتعينهم وتمكنهم من التصدي لأي هجمات إعلامية شرسة أو تيارات عدائية تستهدف أمننا وقيادتنا ووحدتنا الوطنية, عوضاً عن الانعزال أو التبرير، أو إسقاط المشكلات علي الغير، والإخلاص، وحب الوطن، والانتماء له، ومواجهة الشائعات والتضليل، ومحاربة الأفكار المنحرفة أو المتطرفة وفق الاساليب الصحيحة ومن خلال تعزيز القيم الوطنية. ولا شك ظهور قامة سياسية ودبلوماسية في مقام الأمير بندر بن سلطان في هذا الوقت بالتحديد وفي ظل تعقيدات المشهدين الإقليمي والدولي، ومن كان خير شاهد بل وعميد السلك الدبلوماسي الأسبق في واشنطن على تاريخ سياسي ودبلوماسي طويل موثق بالحقائق والدلائل، بل وكان يقود في مرحلة سابقة الكثير من القرارات السياسية الوطنية المشرفة وداعم للكثير من القضايا الإقليمية العادلة، وهو في هذا الظهور يعزز نظرية "دور الفرد في التاريخ" ويبدو أن التأثير الكبير الذي حظي به الأمير بندر، وهو يتطلع بقوة إلى القضايا العادلة والمصالح الخليجية والوطنية المشتركة ويطرح ذلك بعقلية الطيار المقاتل، الذي ينقضّ مباشرة على هدفه، مستخدمًا ما يُطلق عليه الأمريكيون تعبير "عين الطير" أي النظرة الشمولية التي يمنحها الطيران للمرء. هذا كله يعطينا جرس تنبيه أنه جاء الوقت لتعزيز الوعي بتاريخ الوطن السياسي والثقافي وأمجاده، فضلا عن تدبر مراحله التاريخية والقرارات المصيرية التي اتخذت والاتعاظ بها، حتى الوقوف اليوم على معطيات التاريخ الحضاري لهذا الوطن، ثم تعميق الوعي بهذا الإرث الكبير من الأمجاد التاريخية والسياسية والبعد الجغرافي لهذا الوطني في نفوس العامة والأجيال القادمة والشباب على حد سواء، خاصة في ظل الظروف السياسية الإقليمية الظاهرة على الساحة واللعب على وتر المورثات العثمانية أو الفارسية البالية من العهد القديم. ومن هنا فإن على أبناء الوطن أن يرتقوا بإدراكهم ووعيهم لتحولات الاجتماعية والسياسية المحيطة بهم، وأن يعدوا أنفسهم بطريقة تزيد من استثمارهم لقدراتهم الإبداعية ومواهبهم الكامنة ليحسنوا التعامل معها بالشكل الداعم لجهود بلادهم، وتزيد وتعمق من ولائهم وانتمائهم واخلاصهم لوطنهم وأن يسعوا جاهدين ليحققوا غياته وطموحاته واستقرار أمنه.