لم تفلح كل جهود المجتمع الدولي لحد الساعة في تفكيك ألغام الأزمة الليبية مع إصرار تركيا على التصعيد العسكري، واستفزاز دول الجوار، بآلاف المرتزقة، الذين يهدّدون أمن المنطقة برمتها. وأبدت دول الجوار الليبي منذ بداية الأزمة رفضها للتدخل التركي السافر في ليبيا تحت مبرّرات واهية تستند إلى اتفاق مع حكومة مطعون في شرعيتها بعد انقضاء الآجال الزمنية لاتفاق الصخيرات، فضلًا عن عدم مصادقة برلمان طبرق عن ما يسمى بالحكومة الشرعية في ليبيا التي انسحب خمسة من أعضاء مجلسها الرئاسي. مصر تتمسك بحماية أمنها عبرت مصر منذ بداية الأزمة تمسكها بالمقاربة السياسية والحل السلمي للصراع الدائر في ليبيا، لتجنيب المنطقة ويلات الحرب، غير أنها اصطدمت بتغول الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان وإصراره على التدخل العسكري، لنهب الخيرات النفطية في ليببا، ما أجبرها على التحرك لحماية أمنها القومي، وهو ما أكده الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بأن سرت والجفرة خط أحمر. وأمام التصعيد التركي الخطير، لم تجد مصر بداً من التأهب له والتدخل متى دعت الحاجة، وسبق أن طلبت القبائل الليبية من مصر حماية ليبيا من العدوان التركي، وفعلًا بلغت مصر تركيا أن تدخلها في الشؤون العربية مرفوض. ويرى الباحث في العلاقات الدولية والمستشار السابق في الرئاسة الجزائرية، د. إسماعيل دبش في لقاء مع "الرياض" أنه من حق مصر الدفاع عن أمنها القومي المهدد بالتصعيد العسكري التركي، لا سيما أن مجالها الحيوي يمتد على حدود شاسعة مع مصر. وشدّد د. دبش على أن القوى الإقليمية وغير الإقليمية مضّطرة لإجبار تركيا على وقف تهديداتها العسكرية وجلب المرتزقة والأسلحة التي تنذر بمواجهة عسكرية وشيكة تبدو مسألة وقت فقط. تونس تحذر أعلن وزير الدفاع التونسي، عماد الحزقي، في تصريح سابق من تصاعد وتيرة محاولات التسلل إلى التراب التونسي، محذراً من خطورتها في ظل الحرب الجارية في ليبيا. وقال: "خطورة عمليات تسلل الأجانب إلى تونس تتزامن مع حالة الحرب التي تشهدها ليبيا وتدفق السلاح والمرتزقة". وأكد الوزير أن الجيش سيتصدى بكل صرامة لكل ما من شأنه أن يهدد سلامة الأمن التونسي عن طريق التسلل إلى المناطق الحدودية العسكرية. داعياً المواطنين إلى التحلي بأعلى درجات المسؤولية وتفهم حدة الوضع على الحدود. وأعلنت وزارة الدفاع التونسية في وقت سابق، أن التشكيلات العسكرية العاملة بمنطقة المنزلة بمدينة رمادة بمحافظة تطاوين الحدودية جنوب البلاد، قد رصدت يوم 7 يوليو الجاري تحرّكات مشبوهة لأربع سيارات قادمة من التراب الليبي، وتوغلت داخل المنطقة الحدوديّة العازلة على مستوى الساتر الترابي. الجزائر تؤمن الحدود.. والجيش يتأهب عززت الجزائر حدودها مع الجارة ليبيا منذ سنوات طويلة، لمواجهة أي خطر خاصة بعد حادثة تقنتورين جنوب الصحراء الجزائرية بعد تسلل إرهابيين من ليبيا إلى قاعدة نفطية. وأكد العقيد المتقاعد في الجيش الجزائري، عمر بن جانة في تصريحات ل "الرياض"، أن الجزائر تُدرك جيدًا التحديات الأمنية على الحدود ومخاطر تسلل جماعات إرهابية. وأضاف، "الجزائر أعدت العدة ولا خوف على جنودنا المرابطين على الحدود، إلا أنه يجب احتواء الوضع ومنع سيناريو الخراب الذي سيزيد الأعباء على الجزائر أمنيا واقتصادياً واجتماعيًا". وتقود الجزائر مباحثات دبلوماسية حثيثة مع مختلف الفاعلين الدوليين في الملف الليبي على أمل وقف لغة السلاح، حيث أجرى الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، عدّة مباحثات كان آخرها الاتصالين الهاتفيين مع الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، على أن يلتقي وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم مع نظيره الروسي خلال الأيام المقبلة لبحث سبل التسوية السياسية في ليبيا.