بعد التصعيد الميداني الخطير في ليبيا، والدعوة المصرية، للوقف الفوري لإطلاق النار في ليبيا، والعودة إلى طاولة الحوار في ما يعرف ب "إعلان القاهرة"، تحركات دبلوماسية مكثفة للجزائر، لتسوية الأزمة سياسياً، مع مختلف الفاعلين الدوليين والإقليميين على ضوء مخرجات مؤتمر برلين. وتراهن الجزائر، على المقاربة الإقليمية، وتفعيل دور دول الجوار الليبي، لمحاصرة الأطماع التركية في ليبيا، خاصة، وأن أنقرة أعلنت صراحة نيتها بدء عمليات التنقيب عن النفط في ليبيا، وسط تقارير تؤكد أنها جندت كل الوسائل بما فيه جلب المرتزقة، وأطنان من الأسلحة لحسم المعركة، ولعل أكثر ما يرعب الجزائر، قواعد عسكرية تركية متاخمة لحدودها، وجماعات إرهابية تسرح وتمرح على مرمى حجر من منشآتها النفطية بأقصى الجنوب، والكل هنا ما زال يتذكر موقعة "تقنتورين". وأكد الرئيس الجزائري، عبدالمجيد تبون، خلال لقائه برئيس البرلمان الليبي، عقيلة صالح عيسى، بمقر الرئاسة الجزائرية، لبحث "إعلان القاهرة"، أن الجزائر لن تتخلى عن ليبيا، وستنسق مع تونس ومصر كيدٍ واحدة من أجل تسوية الأزمة في ليبيا سياسياً بعيداً عن التدخلات العسكرية. ويعتبر رئيس اللجنة الجزائرية الإفريقية للسلم والمصالحة، والخبير الإستراتيجي، أحمد ميزاب في تصريح ل "الرياض"، أن لقاء الرئيس تبون مع رئيس البرلمان الليبي، صالح عقيلة عيسى هو بداية تحرك فعلي للجزائر بعد التصعيد الخطير في ليبيا، لأن الجزائر تدرك جيداً أن الحل في ليبيا ليس بيد دولة واحدة ولا بد من التنسيق مع دول الجوار، تونس ومصر اللتين تربطهما بليبيا حدود كبيرة وشاسعة، وتداعيات الحرب ستنعكس عليهما وعلى الجزائر أكثر من الغير لا محالة. وأكد، في رده حول سؤال "الرياض" حول مدى تعاطي الجزائر مع "إعلان القاهرة"، أن المبادرة" المصرية تتقاطع مع المقاربة الجزائرية في ضرورة الوقف الفوري للاقتتال هناك، والعودة إلى طاولة الحوار، أما باقي تفاصيل "إعلان القاهرة" فالجزائر تعتبره من شأن الليبيين وحدهم من يقررون مستقبل بلدهم، مشدداً في ذات السياق على أن الجزائر متمسكة بحوار ليبي - ليبي وبحل سياسي، وفق مخرجات مؤتمر برلين، وهو ما عبر عنه الرئيس تبون صراحة في كل خرجاته الإعلامية. من جهته، يرى الإعلامي والمحلل السياسي التونسي، حمدي باسم في تصريح ل "الرياض"، أن الرئيس الجزائري اختار مبادرة دبلوماسية ثلاثية تجمع بين كل من الجزائروتونس ومصر، للجمع بين الفرقاء الليبيين على طاولة حوار ستديره الجزائروتونس ومصر، مؤمناً بقدرة هذه البلدان على إقناع كل من القائد العسكري خليفة حفتر، ورئيس حكومة الوفاق الليبية، فائز السراج ومن خلفهم الدول الداعمة لهما، لإنهاء عمليات النزاع المسلح في أقرب وقت كخطوة أولى للتصدي لمخطط تحويل ليبيا إلى مسرح حرب إقليمية جديدة على غرار ما حصل في سورية.