بداية يطيب لي أن أزف التهاني والتبريكات لسعادة الأستاذة دينا أمين لنيلها ثقة معالي وزير الثقافة وتعيينها رئيساً تنفيذياً لهيئة الفنون البصرية، سائلاً الله لها التوفيق والنجاح في هذه المهمة. نحن كمثقفين نحتاج إلى عقلية قيادة مبتكرة مغايرة عن السائد المألوف تواكب الزمن دائماً وتحاول استباقه أحياناً تحتوي مبدعي الحاضر وتؤسس لمبدعي المستقبل ولا تكون مثل أولئك العابرين بنا في سالف الأيام الذين لم يحركوا ساكناً. لا يمكن الحديث عن حاضر المشهد البصري برؤية مستقبلية، إلا من خلال تفحص الواقع بعين الجراح الذي لا يؤمن بالمسكنات فالحل هو استئصال تلك الأورام والانبعاجات بالمشهد التشكيلي، فالمتاهة - إن جاز التعبير - التي يحياها واقع المشهد التشكيلي الشمولي، تنعكس بشكل غير مرئي على مستقبله. وبغض النظر عن أولئك الثلة من المبدعين الذين لمع صيتهم عربياً وعالمياً فهم اعتمدوا على ذواتهم بعيداً عن الدعم المؤسساتي، ولكي يكون الإبداع ظاهرة وليس طفرة، علينا تصحيح تلك الأخطاء التي تكتنف المؤسسات المعنية بالفنون البصرية سواء كانت بلوائحها أو منهجية أنشطتها التي تطوف بالفراغ منذ أربعين سنة ناهيك عن الشللية مثل جمعية الثقافة التى تتشدق بالهرطقة الإعلامية وجمعية التشكيليين التي لا رئيس منتخب لها أو حتى جمعية عمومية والنوادي الأدبية التي هيمن عليها ثلة من الأكاديميين وأقصت الأديب والناقد، وعلى ذكر الأدب فقد كرس على مدى العقود الماضية مفهوماً خاطئاً عن اللوحة بأنها منتج ديكوري تعلق على الحائط لتجميل المكان فقط لذلك أصبح الناقد لدينا عملة نادرة لأن مدار الناقد يهيم بين الأدب واللوحة أي أنه بمثابة الجسر بين اللون والكلمة، والإشكالية إن هذا المفهوم أضحى من مسلمات ذهنية المجتمع فيما اللوحة منجز ثقافي شأنها شأن الرواية والقصيدة ومن هنا يجب علينا غربلة بعض المفاهيم الخاطئة ووضع آلية ممنهجة لها عبر الهيئة أو تلك المؤسسات لتغيير المفاهيم الخاطئة بذهنية المجتمع أو لدى الفنانيين النفعيين الرأسماليين، الذين لا تتجاوز مداركهم حدود البراغماتية، هذا النطاق الضيق لمفهوم الفن التشكيلي وبالتالي أسهموا بغير قصد في تهميش اللوحة كمنجز فكري ثقافي. وأخيرًا وهذا هو المهم، مشروع التفرغ الإبداعي أي تفرغ المبدع من عمله لمدة زمنية محددة لإنجاز مشروعه الإبداعي سواء كان أدبياً أو فنياً، ونكون بذلك قد عززنا الثقافة السعودية بأعمال نخبوية نقارع بها الأمم الأخرى، وأسهمنا في إيجاد المناخ المناسب للمبدع دون تكلفة مادية علماً بأن مشروع التفرغ الإبداعي لا يكلف وزارة الثقافة ولا الهيئة ريالاً واحداً، فالمسألة فقط إعادة ترتيب أوراق وصياغتها وفق نظام الوزارة ولوائح الهيئة ولدي دراسة عن هذا المشروع تختصر الرواية. * فنان وناقد تشكيلي