في جيب ثوبه المطرز الفاخر، ورقة صغيرة منثنية يحيطها برقة وحنان، أقصى ما يفعله نحوها أن يطل لرؤيتها ثم يضفي عليها لمسة رقيقة محاولًا إسباغ الطمأنينة على مكوناتها التي تكاد تتجزأ وتنقسم، والورقة متسخة من الأسفل ويبدو أنها التقطت ذلك الغبار بسبب رحلة طويلها أمضتها بالتنقل من جيبٍ لجيب، تنتظر وتترقب تحريرها، ففي كل يوم عندما ينزع صاحب الثوب هندامه، تسقط عمدًا حتى يراها، إلا أنه يأخذها ويقبلها ثم يعيدها لجيبه، وذلك مبتغاها طيلة اليوم كله، حتى في عمله حينما يتفحص الأوراق والرسائل باحثًا عن القطعة الناقصة، وتتمنى لو أنها تملك صوتًا يصل لمسامعه حتى يتسنى لها أن تستعرض قليلًا من عظيم فحواها، وفي الليل تتسلل من ذلك الجيب، باحثة عن أمل جديد يعطي لما تبقى من حياتها قيمة.