حديث الليل يمحوه النهار. حكمة يعتز بها المسؤولون، ويفاخرون باعتمادها في سراديب الكلام ومحطات التصريحات وإدلاء الاعترافات. وجلّ ما يتناهى الى مسامعك بقايا مترسبة من طبخة الحروب التي احترقت وشاطت ومرمرت قلوب السامعين والموعودين وعيونهم وألسنتهم. ومن غفوة سبات عميق، أعمق من "نومة" أهل الكهف، تصحو النيات المستحسنة لدى من أصيبوا ب"ميكروب" الترشيح الانتخابي المتفشي في المجتمع السياسي، للمطالبة بالولاء الشخصاني الطائفي، المنسوب الى الاخلاص للطائفية والمذهبية والمناطقية والطبقية المنتخبة. ما الإفادة من ذلك يا أصحاب الحظ المرموق؟ الإفادة ليست تلك المقاعد المريحة، والمزخرفة على الجانبين، وفوق الرأس وتحت الأقدام. ولا تكمن في ظهور من هو مجهول الهوية السياسية الى ساحات المعارك الانتخابية، فما الفائدة من الخطابات، وافتعال الكرامات و"فت المصاري" بعد الحملات؟ برامج خدماتية ومشاريع اصلاحية! أما ملفات الخدمات الاجتماعية فحالياً تبنى عليها أكواخ الغبار في أدراج النسيان المزمن. ومشاريعكم للإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري، ما هي إلا اجتهادات فارغة لترقيع وتستير "ثوب الدولة" المطرز بالثغرات والفجوات الاقتصادية والمالية، والمعلق على مشجب التقهقر اليومي لواقع المجتمع الشعبي الذي رضي باقتنائه، على رغم ما مرّ به من مكواة الضرائب الشهرية، ونالت من أطرافه "عث" الوساطة والمحسوبية، وبعدما تدخلت في حياكته خيوط السياسة الخارجية، وراهنت، على شرائه زبائن السوق الاقليمية، وتبرعت بإعادة تأهيله ماكينات الحكم المخفيّة، لتساعد على ارتدائه أيادي المسؤولين النقية، وتجعله هنداماً لا يليق إلا بتلك "الذكية". وبعد، متى يحين زمن الاعتراف بأكاذيب الوصول الى السلطة؟ أين ينتهي "الأول من نيسان" عند ذوي الأفواه البرّاقة والأيدي "السرّاقة"؟ وكيف التعامل مع المزاج السياسي الشبيه بطقس شباط "ما عليه رباط"؟ لا تلوموا من يخضع، وبعدها يتمرد، ويذعن، ثم يتطلّب. فخير الكلام ما قلّ ودلّ. بيروت - زينة شعبان الحافي