(استشر عدوك مرة لتعلم مقدار عداوته) تذكرت هذا القول لعلي بن أبي طالب -رضي لله عنه- عندما استشعرت حال عدونا الغامض الذي قدم إلينا من رحم الظلام وحط برحاله على كوكبنا وعالمنا.. وعندما أصبحنا بين ليلة وضحاها تحت وطأة هذا الكابوس المظلم والفيروس المبهم.. اختلفت أيامنا عن ما عهدناه من قبل، وقد كنا نستثقل روتينها الممل! أصبحت شوارعنا مظلمة وخاوية إلا من الذعر والرعب من المرض أصبح خروجنا الاعتيادي من المنزل من دون إذن مسبق وطلب مخالفة فقدنا لذة المصافحة والمعانقة بل منعنا منها حتى لأحبائنا و أعزائنا.. أصبحت الأيام والدقائق وحتى اللحظات تتشابه. أصبحنا فقط ننتظر، ونحن جميعاً لا نعلم ماذا ننتظر! هل ننتظر هلاك هذا العدو الذي أظهر لنا قوته وبطشه، وأنه ضيف ثقيل أم ننتظر أن نهلكه ونطرده من ديارنا بسلاح العلم الطب والوعي. ولكن الوقت يطول.. واليأس تغلب على البعض منا.. استدرك العالم جراحه ولأول مره يتفق العالم على كلمة واحدة ويتحد لمواجهة عدو واحد فجيش العالم نفسة استعداد للقتال من أجل البقاء.. فعلى الرغم من صغر حجمه، ووهنه وأنه لا يرى بالعين المجردة إلا أنه بجبروته وقسوته أخذ الكثير من طباع البشر الكثير، فهو لا يفرق بين رجل أو امرأه.. بين شاب وعجوز أو حتى طفل.. ولكنه تفوق علينا في العدل.. فهو لايفرق أيضاً بين غني أو فقير.. بين أبيض أو أسود ولا حتى قوي أو ضعيف! نعم.. تعلمنا منه العدل والمساواة.. خفنا منه جميعاً فهذب عادتنا وسلوكياتنا الخاطئة.. وذكرنا أن راجع قرارتنا وعلاقتنا وحتى نفقاتنا.. علمنا أن نعتمد على أنفسنا في أمورنا الحياتية ولا نركن على الآخرين علمنا المسؤولية وحملها على عاتقنا وأهم عبرة علمنا الصبر في الشدائد واللحمّة .. وعرفنا أن الانتصار في المعارك ليس هو النجاح التام.. النجاح التام هو أن تكسر مقاومة العدو بدون قتال.. وقريباً سينتهي هذا الفيروس بإذن لله ويزيح عنا غمامه الغابر.. بعد أن نقش في ذاكرتنا أحداثه الخالدة التي ستتوارثها الأجيال لنذكر أننا كنا من أبطال المقاومة وممن شهوا المعركة.. وممن تعلموا منها أن حياتنا ليست مملة وإنما سكر زيادة..