عانت المدن قديماً من أوبئة ومرت بأزمات متنوعة وخرجت بفضل الله وإرادته منها أكثر قوة وعادت للنمو والازدهار، وعادةً تولد الأزمات رغم الصعوبات والتأثيرات السلبية التي تنجم عنها فرصاً يمكن البناء عليها لتوفير مكتسبات متنوعة، وسنرى بحول الله الكثير حين نفتح نافذة التقصي عن الفرص الكامنة في جوف الأزمات لكن هذا الأمر يتطلب أن يكون هناك إدراك لأهمية استكشاف الفرص في خضم التعامل مع تداعيات الأزمات، ولا يجب أن تأخذنا هول الصدمة وتصرفنا عن المكتسبات التي يمكن الحصول عليها، والأهم في ذلك أن نكون جاهزين بالأدوات والآليات التي تضمن التأثير الإيجابي على المجتمع والبيئة الحضرية والصحة العامة والاقتصاد بشكلٍ عام. نعم، نحتاج أن تركز إدارات المدن في إعادة ضبط مشهدها الإبداعي والتفكير في إعادة تنشيطه بتوفير محيط عمراني أكثر قوة ًوأماناً، فالأزمات بحد ذاتها تمثل فرصة واعدة لتغيير وتطوير نمطية التفكير في الأهداف والاستراتيجيات والأولويات وهذه الأزمة المتولدة عن جائحة كورونا أرجو أن تكون فرصة لإعادة النظر في تخطيط وتطوير المدن بما يراعي سياسات تقسيم المناطق الإدارية والأراضي وتوزيع الكثافات السكانية وفق منظور يراعي جوانب القوة الاقتصادية والبيئة والصحة العامة. بعض المحللين والمختصين في الاقتصاد والتحضر أصبحوا يرون أن هناك فرصاً جيدة في التطوير على مستوى المدن الثانوية والقرى واستغلال مقوماتها الاقتصادية والزراعية، وأيضاً توفير فرص اقتصادية من خلال مفهوم الكثافة الذكية باستخدام تقنيات الاتصال، وكذلك ريادة الأعمال في مختلف وسائط التقنية والتكنولوجيا الحيوية، والأعمال المهنية وغيرها من الفرص التي تحتاج إلى مزيد بحث وقياس جدوى. الجانب المؤثر والمهم هنا هو وجود بيئة وجهات حاضنة للأفكار والإبداع والابتكار، ومؤسسات التعليم بمختلف مستوياتها والجهات الحكومية بمختلف تخصصاتها مسؤولة عن توفير البيئة المحفزة لتوليد الفرص من خلال تبني الأفكار المبدعة والمسارعة وتحويلها إلى منتجات مفيدة. وفي الواقع أرجو أن نحسن استغلال تجربتنا مع هذه الأزمة والجائحة الاستثنائية لتأمين أكبر قدر ممكن من الكفاءة الذاتية، ليتم استغلال هذا الدرس الذي تلقيناه ونخطط من أجل تنمية مستدامة. *متخصص في التخطيط العمراني والتنمية