أكد اقتصاديون أن إجراءات وزارة المالية لحماية الاقتصاد الوطني، جاءت نتيجة الظروف الطارئة للآثار الاقتصادية السلبية لازمة كورونا، واصفين القرارات المتخذة من وزارة المالية ب " الحلول الوقتية " لمواجهة كورونا، وأشاروا، أن زيادة ضريبة القيمة المضافة لسد حاجة الدولة لتغطية العجز الكبير التي تعاني منه الميزانية الحالية وكذلك الميزانية القادمة، جراء انخفاض دخل الدولة من ايرادات النفط. وفي هذا الإتجاه، قال، أستاذ المالية والاقتصاد السابق بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن د. حسن العبندي، ان الإجراءات المتخذة من وزارة المالية تدخل ضمن السياسات المالية المتخذة لدى الدول العالمية، مضيفا، أن زيادة نسبة ضريبة القيمة المضافة الى 15% مقابل 5% يستهدف رفع إيرادات خزينة الدولة، مما يمكنها من الاستغناء عن الاقتراض من المصادر الخارج او الداخل، لافتا الى أن الانفاق الحكومي على جائحة كورونا ارتفع بشكل غير متوقع، نتيجة التعامل مع الوضع الطارئ غير المخطط له مسبقا، عبر الانفاق على الجانب الصحي لمواجهة وباء كورونا. وذكر، كافة الدول تبحث عن مصادر لتمويل الميزانية العامة، مبينا، ان زيادة ضريبة القيمة المضافة الى 15% تسهم في زيادة إيرادات الدولة، مما يمكنها من الانفاق و تعويض جزء من المصروفات السابقة لمواجهة جائحة كورونا، مضيفا، ان الغاء بدل غلاء المعيشة يمثل تقليلا من دخل الفرد، مما يعني ان الدخل الحقيقي للفرد سينخفض خلال الفترة القادمة، متوقعا، أن تدفع زيادة ضريبة القيمة المضافة و كذلك والغاء بدل غلاء المعيشة على الانفاق بشكل متوازن. ورأى أن السياسة المالية الجديدة ستؤثر على القوة الشرائية للريال، نظرا لارتفاع نسبة ضريبة القيمة المضافة، مؤكدا، ان المستهلك سيتأقلم مع الوضع الجديدة للقوة الشرائية للريال خلال الفترة القادمة، مشيرا الى ان القوة الشرائية للعملات الوطنية تتغير تبعا للظروف الاقتصادية. وأستبعد ان تؤثر الإجراءات الأخيرة على قوة الريال، مضيفا، الإجراءات الأخيرة تدخل ضمن السياسة المالية، فيما السياسة النقدية تؤثر على سوق العملات، مبينا، أن سعر الريال لا تحدد قيمته بسوق العملات، نظرا لارتباطه بشكل كامل مع الدولار الأمريكي، مبينا، ان تؤثر سعر صرف الدولار الأمريكي للعملات العالمية ( اليورو – الين ) ستتأثر قيمة الريال، مؤكدا، ان ارتفاع قيمة الدولار سينعكس على ارتفاع سعر الريال مقابل العملات الرئيسية الأخرى. بدوره، أوضح المحلل الاقتصادي ناصر القرعاوي، ان الإجراءات المتخذة هي لمواجهة العجز في إيرادات الدولة، لافتا، ان قرار إلغاء بدل غلاء المعيشة جاء بعد قرار تخفيض قيمة المحروقات نتيجة تراجع أسعار النفط، مضيفا، ان زيادة ضريبة القيمة المضافة الى 15% مقابل 5 % سيكون له تأثير مباشر على الأسعار و تكلفة المعيشة، مبينا، الدولة مهّدت للمواطن لمثل هذه الإجراءات خلال الأيام الماضية والتي وصفها وزير المالية محمد الجدعان " بالقاسية و المؤلمة "، مضيفا، أن الآثار على زيادة ضريبة القيمة المضافة ستكون على انفاق المواطن، مؤكدا، ان هذه الإجراءات مؤقتة و ليست مستمرة، حيث ستعود الأوضاع لسابق عهدها بمجرد تحسن قيمة النفط في الأسواق العالمية، وكذلك انتهاء تداعيات ازمة كورونا، مضيفا، ان الإجراءات المتخذة جاءت نتيجة دراسة ميدانية للخطوات السليمة لمعالجة الازمة الراهنة. وطالب القرعاوي، المواطن بتحمّل المسؤولية وتقبل الإجراءات، بإعتباره جزء من مكون الدولة وهو اللاعب الرئيسي في تحمل هذه القرارات، مؤكدا، متوقعا، تحسن أسعار النفط قريبا، مما يستدعي مراجعة لمثل هذه الإجراءات، واصفا القرارات المتخذة من وزارة المالية ب " الحلول الوقتية " لمواجهة الاثار الاقتصادية السلبية لازمة كورونا، لافتا الى ان الدولة سحبت 100 مليار من الاحتياطي و الاقتراض بقيمة 220 مليار يكشف حجم الانفاق لمواجهة كورونا. ودعا القرعاوي، الصناديق التمويلية التابعة للدولة مساعدة القطاع الخاص لتسهيل الإجراءات لتمويل للنهوض بالمؤسسات الصغيرة و المتوسطة التي تواجه صعوبات كبرى جراء ازمة كورونا، الأمر الذي يهدد إستمرارية هذه المنشآت في السوق، مما يؤثر على تراجع خلق الوظائف، وبالتالي التأثير على دورة رأس المال في القطاع. من جهته، أشار، المحلل الاقتصادي عبد الرحمن الجبيري، الخطوات التي اتخذت في هذا الإطار اصلاحية لتجنيب الاقتصاد السعودي من الدخول في مرحلة الكساد لافتا الى أن تخفيض الإنفاق إجراء طبيعي لمعالجة التداعيات الاقتصادية، مضيفا، بما يحقق الاستقرار الاقتصادي . وذكر الجبيري، الحكومة تحمّلت التكلفة الأكبر منذ بدء جائحة كورونا فرصدت مبلغ 177مليار ريال لتعزيز قطاع الصحة، وخففت من أثرها على القطاع الخاص وحافظت على رواتب الموظفين فيه، مؤكدا، بأن الأزمة ستنتهي والإصلاحات الاقتصادية مستمرة بالرغم من عمقها المؤلم. وأضاف، الحكومة استمرت في الحماية الاقتصادية لذوي الدخل المحدود وراعت عدم تأثر الأسر الضمانية حيث تولي الدولة هذه الفئات جل اهتمامها وتحرص كثيرا على تجنيبهم أي تأثيرات، لافتا الى أن خيارات المستهلكين متعددة في السوق السعودي متنوعة ببدائل عديدة للسلع، مشيرا الى أن رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% أحد أهم الخيارات التي أرتأتها الحكومة. وتابع، الإصلاحات الاقتصادية مستمرة، والمضي في معالجة الأزمة في إطار مؤسسي ومحترف، حيث يتلمّس الجميع نمو الإيرادات غير النفطية والتي تنعكس آثارها على المدى المتوسط والطويل، مبينا، أن العالم يمر بظروف صعبة فالإغلاق الكبير أثّر كثيرا على النشاط الاقتصادي في القطاعات النفطية وغير النفطية ومستويات الطلب الكلي، مضيفا، ان التجارة العالمية تشهد انخفاضا حادا، متوقعا، استمرار التأثير السلبي على نمو اقتصاديات الدول خلال هذا العام، داعيا، للتعاون في تجاوز هذه المرحلة بكافة تحدياتها وضروراتها. شرح الصورمن الارشيف من جانب آخر، تعبر المملكة جائحة كورونا بسلسلة من التدابير الإستثنائية التي تعكس حرص القيادة الرشيدة على الحد من تأثيراتها على الإقتصاد السعودي الذي أثبت تماسكه في هذه الأزمة العالمية التي خلّفها "كوفيد 19" في دول العالم. وتشكل الإجراءات التي اتخذتها وزارة المالية أهم العوامل التي تحد من تأثيرات الجائحة، ما يجعل المملكة تعبر هذا الظرف العالمي بأقل الخسائر الممكنة. وفي هذا الإتجاه، شدد إقتصاديون على أن الجائحة التي تسببت بصدمات ثلاث لإقتصاد المملكة يمكنها إحداث تأثير إقتصادي غير مسبوق في حال عدم التدخل الإستثنائي عبر سلسلة من الإجراءات الاحترازية التي تسير فيها المملكة، مؤكدين ل"الرياض" بأن ما تم إعلانه من قبل وزير المالية في هذه المرحلة الحساسة من مواجهة المملكة لفيروس كرونا المستجد أمر في غاية الأهمية، ويجنّبها تأثير الصدمات، وقال، حسين المعلم رجل أعمال وعضو المجلس المحلي في محافظة القطيف: "جميعنا يعلم أن الجائحة غيّرت من الواقع في المجتمع، وعطّلت أعمال كثيرة في القطاع الخاص، كما أن الدولة تدخّلت بسلسة إجراءات عاجلة ومهمة لإنقاذ القطاع الخاص وهو ما تحقق، وتابع، الإجراءات التي أعلن عنها مؤخرا تأتي لتساند جميع الإجراءات السابقة المتخذة في هذه الأزمة الناتجة عن الجائحة ليس في المملكة بل في العالم أجمع". مضيفا، تأثير فايروس كوفيد19 ألقى بظلاله على المجتمعات من الناحية الإقتصادية وتعد المملكة من أقوى الدول إقتصاديا ولذلك فإنها تواجه الجائحة بقوة لا مثيل لها وهذا ما يشاهده العالم، فالقيادة الرشيدة تصرفت بشكل حازم وعاجل، ما أسهم في الحد من الجائحة"، مشيرا إلى أن الإجراءات الإقتصادية والصحية وغيرها، ما كانت تأتي بهذه القوة لولا معدل الإنفاق السخي، وما اعتماد المبادرات الداعمة إلى القطاع الخاص إلا واحدة من المبادرات المهمة في هذا السياق، الأمر الذي حافظ على وظائف السعوديين، فلم يعد المواطن يقلق على وظيفته من هذه الناحية أبدا، بيد أن مواطنون في دولهم خسروا أعمالهم. وشدد حسين الشيخ كبير تجار الفاكهة في المنطقة الشرقية على أن المملكة تسعى دائما لاحتواء الآثار السلبية التي تخلها الجائحة على المواطن والمقيم، وما تم إعلانه يأتي في صالح المواطن والمقيم على هذه الأرض، وزيادة الضريبة لتصل 15% يسهم في هذه المرحلة في الحد من تداعيات الفايروس ويدعم الاقتصاد الوطني، ما يجعله يعبر بآمن اقتصادي الجائحة.