في قلب العاصمة المصرية القاهرة يحتشد متسوقون بمحلات الحلويات والبقالة لتخزين احتياجاتهم لوجبة الإفطار خلال شهر رمضان غير عابئين بالمخاوف المتعلقة بفيروس كورونا المستجد. فبعد ما يزيد قليلا على شهر منذ فرضت مصر إجراءات صارمة لاحتواء الفيروس تدفع العادات الاجتماعية والضغوط الاقتصادية الناس للخروج إلى الشوارع حتى مع الاستمرار في زيادة حالات الإصابة الجديدة بمرض كوفيد-19 الذي يسببه فيروس كورونا. وتنظم الحكومة حملات في الصحف وعلى لوحات الإعلانات لتشجيع التباعد الاجتماعي. كما أنها أغلقت المقاهي وخدمات تناول الطعام في المطاعم وفرضت حظر تجول أثناء الليل. لكن حظر التجول دفع الناس إلى الإقبال على التسوق نهارا حيث يُخزِن كثيرون منهم احتياجاتهم للإفطار عند الساعة 6.30 مساء بالتوقيت المحلي. وعادة ما يواجه أصحاب المتاجر صعوبات في إقناع الناس بالوقوف في طوابير بطريقة منظمة. وقال أسامة علي أحمد (60 عاما)، وهو صاحب محل حلويات قريب من مسجد السيدة زينب التاريخي في وسط القاهرة، "الزبائن مش خايفة، عشان أول رمضان كان زحمة فكنا عمالين نفرقهم عن بعضيهم ونوزعهم. الناس مش مدركة يعني كورونا دي إيه يعني وبتاع، فكنت واقف أنا عمال أبعدهم عن بعضيهم على أساس ما يحصلش يبقوا لزق في بعضيهم كده غلط". وتزاحم الزبائن، الذين يضع بعضهم كمامات، من أجل الفوز بمكان متقدم كما يفعلون في محل بقالة قريب. وبينما يشتري مخللات قال أشرف علي (52 عاما)، وهو سائق في شركة اتصالات، "بص حضرتك، هي دي عادة سنوية عندنا كلنا، فأحنا في كل سنة بننزل بنجيب الحاجات دي، الطرشي طبعا ده عادة يعني في رمضان والكنافة والقطايف، وبالنسبة لموضوع الكورونا هو الواحد بيحرص أي نعم آه بس ده ما يمنعش إن هو هيحرمنا من إن إحنا نجيب الحاجات بتاعة كل سنة اللي إحنا متعودين عليها، أو الشعب المصري كله متعود عليها". وقال وليد الحريف، صاحب محل مخللات "هو الشغل يعني يعتبر زي ما هو مفيش أي تغيير فيه، التغيير الوحيد فيه بس إن الوقت بقى ضيق. يعني إحنا كل سنة كنا بنبقى شغالين 24 ساعة. في يومين الحظر دول بنفتح بقى الساعة سبعة (صباحا) وبنقفل الساعة خمسة (مساء)، ده قانون يعني مفيهوش أي كلام". وسجلت مصر، التي يقدر عدد سكانها بنحو 100 مليون نسمة، حتى الآن ما يربو على سبعة آلاف حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد و452 حالة وفاة، وهو عدد أقل مما سجلته كثير من الدول الأوروبية، وإن كان عدد حالات الإصابة الجديدة مستمر في الارتفاع. وحثت وزيرة الصحة هالة زايد المصريين يوم الأحد على التعامل بجدية أكثر مع إجراءات العزل العام. وقالت الوزيرة إن المواطن هو من سيتحكم في الطريقة التي سنعبر بها هذه الأوقات الخطرة، مشيرة إلى أن الدولة أكملت كل الإجراءات المسؤولة عنها. ولم ترد وزارة الصحة ولا المركز الصحفي على أسئلة بخصوص هذا الموضوع. ويقول سكان القاهرة إن مزيدا من الناس يلزمون بيوتهم خلال صيامهم حتى غروب الشمس، على الرغم من أن شوارع كثيرة في المدينة، التي يقدر عدد سكانها بنحو عشرة ملايين نسمة، تعاني زحاما أثناء النهار. وقد تم تأخير موعد بدء حظر التجول إلى الساعة التاسعة مساء من الساعة السابعة مساء، ويمكن رؤية بعض السيارات تنتهك حظر التجول ليلا. وأثرت قيود فيروس كورونا بشدة على كثير من المصريين، لا سيما أولئك الذين يعتمدون على العمل غير الرسمي مثل عمال اليومية. وقال أحمد علي، وهو موظف كبير في جمعية مصر الخير الخيرية، إن الجمعية توزع نحو ضعف عدد صناديق الطعام في رمضان مقارنة بالعام الماضي. وأضاف أن عدد الاتصالات التي يتلقونها على الخط الساخن تجاوز 30 أو 40 ألفا موضحا أن ذلك غير عادي وأن بعضها تأتي من عمال يومية يعملون بشكل أقل بسبب حظر التجول. كما زاد بنك الطعام، وهو مؤسسة خيرة أخرى في مصر، عدد الأُسر التي يأمل في الوصول لها خلال رمضان إلى 1.5 مليون أُسرة من 500 ألف أُسرة.