إن المرحلة التي تمر بها المملكة يجب أن تواكبها قناة ثقافية تبرز مكانة المملكة بالأساليب الحديثة وتوصل تاريخنا وحضارتنا ومشروعاتنا وجغرافيتنا ودورنا الثقافي والإنساني إلى عالم غارق في بحر الأخبار والأحداث السياسية.. معالي وزير الإعلام المكلف الدكتور ماجد القصبي: قرأت موجزاً عن اجتماع معاليكم مع قيادات الوزارة والمسؤولين في الهيئات الإعلامية، قلتم في هذا اللقاء إن الأداء غير مرضٍ تماماً ولا يواكب تطلعات المواطن ونهضة الوطن ومكتسباته. كما ذكرتم أننا نمتلك مقومات وطنية هي محل فخر واعتزاز على كافة الأصعدة إقليمياً ودولياً، لا بد لهذه المكتسبات من آلية إعلامية قوية وإبداعية ترضي طموحات وتطلعات المواطنين. وقلتم إن العمل سيكون حثيثاً بإذن الله خلال الفترة القادمة لتحقيق ذلك. بعد قراءتي للخبر السابق شدتني ملاحظات معاليكم وقررت مخاطبتكم بمقال سابق ما زلنا نؤمل أن تدرس فكرته وإمكانية تحويلها إلى واقع. بداية نبارك لكم ثقة القيادة ونتمنى لكم التوفيق في قيادة هذا القطاع المهم إلى المستوى الذي يواكب مرحلة التنمية الشاملة التي تمر بها المملكة وطموحاتها المستقبلية، وبما يتفق مع مكانتها الدينية والسياسية والاقتصادية والثقافية. في مقال سابق موجه لوزير الإعلام كانت الرسالة تقول: القطاع الإعلامي في المملكة تاريخ حافل واكب مسيرة الوطن وقام بالدور المطلوب حسب الإمكانات البشرية والتقنية وسار في طريق التطوير بحركة بطيئة لم تكن كافيه للتعامل الفعال وخاصة مع الأحداث الدولية. التقاليد الإعلامية كانت راسخة ومقاومة للتغيير. في الوقت الحاضر يمكن القول إن أبرز الملاحظات على وزارة الإعلام لا يتعلق بتطوير تقنيات الإعلام فهذا أمر مقدور عليه، ولكنها الملاحظات التي تقول إننا نخاطب أنفسنا في ظل عالم متغير وفضاء تتنافس فيه الدول لإيصال صوتها ورسالتها وثقافتها. المملكة في الوقت الحاضر بحاجة الى قنوات دولية قوية ناطقة باللغات الحية مثل الإنجليزية والفرنسية. هذا الطموح واقعي بما يتوفر في بلادنا من إمكانات مادية وكفاءات بشرية مؤهلة وقادرة على مواكبة العصر والتفاعل مع الأحداث بخطاب جديد يتحرر من الأساليب التقليدية التي عانى منها إعلامنا طوال تاريخه. على المستوى الثقافي والاجتماعي هناك حاجة إلى خطاب إعلامي عالمي ينقل الصورة الحقيقية للمملكة، تاريخها وثقافتها وتقاليدها ومراحل تطورها. عندما نشاهد بعض القنوات الدولية نجدها تقدم تقارير ثقافية واجتماعية عن دول معينه بطريقة احترافية وتقنيات عالية. الإعلام قوة ناعمة لا بد من استثمارها بمعايير متقدمة ومنافسة دولياً. هذا التوجه يواكب رؤية المملكة الطموحة في مجالات مختلفة منها تفعيل وتعزيز خطط وبرامج السياحة والمساهمة في تحقيقها والتعريف بالتراث الوطني ونقل الصورة الحقيقية للمملكة بأساليب جذابة. إن المكانة العالية للمملكة في المنظومة العالمية لم تأتِ من فراغ، التنمية لغة أرقام وإنجازات وليست لغة مجاملات. ثقافة البلد -أي بلد- يجب ألا تصمت وسط ضجيج الأخبار السياسية. أقول هذا مدفوعاً بسؤال يتكرر في ذهني: هل تصل صورة المملكة وصوتها إلى الآخر، وكيف تصل؟ إن المرحلة التي تمر بها المملكة وهي مرحلة تغيير وتطوير في كافة المجالات يجب أن تواكبها قناة ثقافية تبرز مكانة المملكة بالأساليب الحديثة وتوصل تاريخنا وحضارتنا ومشروعاتنا وجغرافيتنا ودورنا الثقافي والإنساني إلى عالم غارق في بحر الأخبار والأحداث السياسية وهي أخبار يلاحقها إعلام غير محايد يخضع لمصالح وقتية وأهواء سياسية. على مستوى القوى البشرية أصبحت المملكة تزخر بالكفاءات الوطنية في كافة المجالات. نتطلع إلى وجود هذه الكفاءات في العمل الإعلامي الميداني والتقارير المباشرة المنقولة من مختلف أرجاء العالم، ليكون الإعلام بوسائله المختلفة مجالاً لإبراز المواطن السعودي وقدراته من خلال العمل في قطاع الإعلام. كذلك التعريف بقدراته وإنجازاته في المجالات الأخرى. أميركا رغم تقدمها لم تهمل الإعلام بل استثمرته لتقديم الإنسان الأميركي إلى العالم بالصورة التي يريدونها. معالي الوزير، تلك رسالة تضمنها مقال سابق أردت اطلاعكم عليها للمساهمة في إثراء الأفكار والجهود المنتظرة لتطوير الأداء الإعلامي بما يتفق مع رؤية المملكة ومكانتها الدولية خاصة بعد قراءتي ملاحظاتكم في الاجتماع مع مسؤولي الوزارة.