المكانة العالية للمملكة في المنظومة العالمية لم تأت من فراغ. التنمية لغة أرقام وإنجازات وليست لغة مجاملات. ثقافة البلد – أي بلد – يجب ألا تصمت وسط ضجيج الأخبار السياسية. أقول هذا مدفوعاً بسؤال يتكرر في ذهني: هل تصل صورة المملكة وصوتها إلى الآخر، وكيف تصل؟ في الإجابة على الجزء الأول من السؤال أقول من واقع تجربة أن البحث في أوروبا وأمريكا عن قناة تلفزيونية سعودية دولية ينتهي بالفشل وإن وجدت فهي ناطقة باللغة العربية وهذا لا يحقق الهدف وهو إيصال رسالة المملكة وصوتها وصورتها وحضارتها والتواصل مع العالم الآخر. يضاف إلى إشكالية اللغة أن الخطاب الإعلامي التقليدي المباشر لا يحقق التأثير الذي يحققه الخطاب غير المباشر، وهذا يجيب على الجزء الثاني من السؤال. إن المرحلة التي تمر بها المملكة وهي مرحلة تغيير وتطور في كافة المجالات يجب أن يواكبها قناة ثقافية تبرز مكانة المملكة بالأساليب الحديثة وتوصل تاريخنا وحضارتنا ومشروعاتنا وجغرافيتنا ودورنا الثقافي والإنساني إلى عالم غارق في بحر الأخبار والأحداث السياسية وهي أخبار يلاحقها إعلام غير محايد يخضع لمصالح وقتية وأهواء سياسية. يتضح مما سبق أن الهدف من هذا المقال هو أن تكون لنا قناة دولية بلغات عالمية نخاطب بها الآخر بدلاً من مخاطبة أنفسنا. وهنا أشير إلى مقال سابق كتبته عن هذا الموضوع في "الرياض" وكان بعنوان (إلى وزير الثقافة والإعلام) ونشر بتاريخ السبت 21 ذي القعدة 1436. وقد طرحت في ذلك المقال تصوراً لتطوير القناة الثانية برؤية تتمثل في إيجاد قناة تلفزيونية ناطقة باللغة الإنجليزية بمعايير مهنية متقدمة ومنافسة على المستوى الدولي بحيث تكون رسالة القناة هي بناء الجسور الثقافية والاجتماعية مع المستهدفين داخل وخارج المملكة بما يحقق الحوار الحضاري والمشاركة وتنمية العلاقات الإنسانية ونقل الصورة الحقيقية لبلادنا بعيداً عن الأصوات الإعلامية ذات الطابع السياسي. هي إذن قناة غير سياسية تقدم البرامج العلمية والثقافية والتقارير الوثائقية حتى تكون لنا قناة ثقافية توازي مكانة المملكة، ولهذا يكون من المناسب الاستفادة من القناة الثقافية الحالية بحيث يتم دمج القناتين الثانية والثقافية لتكون قناة ثقافية وتطويرها من حيث المحتوى والجوانب الفنية وجعلها باللغتين العربية والانجليزية. نستطيع بهذه الوسيلة الثقافية استخدام قوتنا الناعمة بشرط الاعتماد على الأسلوب غير المباشر لتحقيق أهداف القناة، وهذا ما تفعله الأفلام والتقارير الوثائقية والبرامج والأنشطة الثقافية والاجتماعية المتنوعة. كما أن هذا التوجه سيخدم الخطط الطموحة للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني.