معالي وزير الإعلام الأستاذ تركي الشبانة.. وفقه الله.. بداية نقدم لكم التهنئة بثقة القيادة، ولديكم من الخبرة ما يؤهلكم لقيادة هذا القطاع ونقله إلى المستوى الذي يتفق مع مكانة المملكة الدينية والسياسية والاقتصادية والثقافية. القطاع الإعلامي في المملكة تاريخ حافل، واكب مسيرة الوطن وقام بالدور المطلوب حسب الإمكانات البشرية والتقنية، وسار في طريق التطوير بحركة بطيئة لم تكن كافية للتعامل الفعال وخاصة مع الأحداث الدولية، التقاليد الإعلامية النمطية كانت راسخة ومقاومة للتغيير. في الوقت الحاضر يمكن القول إن أبرز الملاحظات على وزارة الإعلام لا يتعلق بتطوير تقنيات الإعلام فهذا أمر مقدور عليه، ولكنها الملاحظة التي تقول إننا نخاطب أنفسنا في ظل عالم متغير وفضاء تتنافس فيه الدول لإيصال صوتها ورسالتها وثقافتها. المملكة في الوقت الحاضر بحاجة إلى قنوات دولية قوية ناطقة باللغات الحية مثل الإنجليزية والفرنسية. هذا الطموح واقعي بما يتوفر في بلادنا من إمكانات مادية وكفاءات بشرية مؤهلة وقادرة على مواكبة العصر والتفاعل مع الأحداث بخطاب جديد يتحرر من الأساليب التقليدية التي عانى منها إعلامنا طوال تاريخه. على المستوى الثقافي والاجتماعي هناك حاجة إلى خطاب إعلامي عالمي ينقل الصورة الحقيقية للمملكة، تاريخها وثقافتها وتقاليدها ومراحل تطورها. عندما نشاهد بعض القنوات الدولية نجدها تقدم تقارير ثقافية واجتماعية عن دول معينة بطريقة احترافية وتقنيات عالية. الإعلام قوة ناعمة لا بد من استثمارها بمعايير متقدمة ومنافسة دولياً. هذا التوجه يواكب رؤية المملكة الطموحة في مجالات مختلفة منها تفعيل وتعزيز خطط وبرامج السياحة والمساهمة في تحقيقها والتعريف بالتراث الوطني، ونقل الصورة الحقيقية للمملكة بأساليب جذابة. إن المكانة العالية للمملكة في المنظومة العالمية لم تأت من فراغ. التنمية لغة أرقام وإنجازات، وليست لغة مجاملات، ثقافة البلد – أي بلد – يجب ألا يصمت وسط ضجيج الأخبار السياسية، أقول هذا مدفوعاً بسؤال يتكرر في ذهني: هل تصل صورة المملكة وصوتها إلى الآخر وكيف تصل؟ إن المرحلة التي تمر بها المملكة وهي مرحلة تغيير وتطور في كافة المجالات يجب أن يواكبها قناة ثقافية تبرز مكانة المملكة بالأساليب الحديثة وتصل تاريخنا وحضارتنا ومشروعاتنا وجغرافيتنا ودورنا الثقافي والإنساني إلى عالم غارق في بحر الأخبار والأحداث السياسية وهي أخبار يلاحقها إعلام غير محايد يخضع لمصالح وقتية وأهواء سياسية. على مستوى القوى البشرية أصبحت المملكة تزخر بالكفاءات الوطنية في كافة المجالات. نتطلع إلى وجود هذه الكفاءات في العمل الإعلامي الميداني والتقارير المباشرة المنقولة من مختلف أرجاء العالم. ليكن الإعلام بوسائله المختلفة مجالاً لإبراز المواطن السعودي وقدراته من خلال العمل في قطاع الإعلام، كذلك التعريف بقدراته وإنجازاته في المجالات الأخرى. أميركا رغم تقدمها لم تهمل الإعلام بل استثمرته لتقديم الإنسان الأميركي إلى العالم بالصورة التي يريدونها. أعانكم الله على هذه المسؤولية الوطنية متمنياً لكم التوفيق والنجاح.