منذ الإعلان عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد - 19) في العالم، اتخذت المملكة - حفظها الله - إجراءات احترازية ووقائية للحد من انتشار العدوى لهذا الفيروس، سواء على المستوى الوطني بتعليق رحلات السفر الدولية من وإلى المملكة، أو على المستوى المحلي بين مناطق المملكة، بمنع سكان تلك المناطق الثلاث عشرة الخروج منها أو الانتقال لمنطقة أخرى، أو على مستوى المدن والقرى، بمنع الدخول والخروج من مدن الرياضومكةالمكرمة والمدينة المنورةوجدة، وتعليق التعليم المباشر في المدارس والجامعات، إضافة إلى العمل في جميع الدوائر الحكومية، وإغلاق الأسواق والمجمعات التجارية، ومنع التجول الجزئي في كافة تلك المدن والقرى، بل امتدت هذه الإجراءات إلى مستوى الأحياء، فشمل الحجر الصحي بعض أحياء مكةالمكرمة السكنية، ما كان له أبلغ الأثر - ولله الحمد - في الحد بشكل كبير من انتشار هذا الوباء. إن مما تؤكد عليه منظمة الصحة العالمية، هو أن أفضل دفاع تملكه الدول في مواجهة جائحة كورونا هو متانة نظامها الصحي، فالطلب المتزايد على المرافق الصحية، والضغط على العاملين في الرعاية الصحية في مثل هذه الظروف يهددان بإلقاء العبء على كاهل النظم الصحية وعجزها بالتالي عن تسيير أعمالها بصورة فعالة، إلا أن المنظمة توصي في ذات الوقت بضرورة اتخاذ إجراءات دفاعية وهجومية ضد الوباء في آن واحد، حيث تشير إلى أن مطالبة الناس بأن يلزموا منازلهم، وتطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي، هما وسيلة مهمة لإبطاء انتشار الفيروس، وشراء الوقت، ولكنها إجراءات دفاعية، لذا فمن أجل الانتصار على هذا الوباء حري الانتقال من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم، ومن بين تلك الخطوات في هذا المجال، إجراء الفحوصات للسكان كافة، وهو أمر بلا شك بالغ الصعوبة، إن لم يكن شبه مستحيل، إلا أنه من الممكن تطبيقه على شريحة معينة من السكان، خاصة من يمثلون الحلقة المجتمعية الأضعف في مواجهة الوباء، والثقل الأكثر عبئاً على كاهل المنظومة الصحية في حال - لا قدر الله - اجتاح ولو بعضاً منهم الوباء، ألا وهم المسنون ممن تزيد أعمارهم عن السبعين عاماً، المصابون بأمراض مزمنة، الذين تظهر نتائج آخر مسح لصحة الأسرة في المملكة أن نسبتهم لا تزيد على (1.4 %) من السكان، حيث يتجاوزن الأربع مئة ألف من السكان، فهؤلاء تتسبب عدواهم بالفيروس في مضاعفات حادة تتطلب العناية المكثفة، لذا فإن التواصل معهم من خلال سجلاتهم الطبية لدى المستشفيات والتأكد من توفر ظروف وقايتهم من العدوى هما خط الدفاع الأول - بعد المولى عز وجل - لمنظومتنا الصحية.