بالرغم من أن الشرارة الأولى لجائحة انتشار فيروس كورونا المستجد «كوفيد - 19» انطلقت من مدينة ووهان الصينية، وبالرغم من الانتشار الواسع للفيروس على مستوى العالم إلا أن الصين تمكنت خلال هذا الشهر من الحد من انتشار الفيروس على أراضيها حتى إنها لم تعد تسجل أي حالات جديدة في بعض الأيام ولم يصل حجم الضرر لديها مثل الضرر الذي لحق ببعض الدول الأوروبية وأمريكا، بل إن مدينة ووهان الصينية بؤرة انتشار الفيروس بدأت في فتح أبوابها من جديد. إن أهم الأسباب التي مكنت الصين من التغلب على انتشار هذا الفيروس خلال هذه الفترة الوجيزة هي تجنيدها لكل إمكاناتها وقدراتها والتحام جميع أفراد المجتمع والتزام المسؤولين بخطة عمل واحدة وهي عزل الناس في منازلهم ومنعهم من الخروج إلى التجمعات مع توفير كافة سبل الحياة لهم فأغلقت المراكز والأماكن الترفيهية وطلبت المؤسسات والشركات من الموظفين العمل من بيوتهم وأغلقت آلاف المصانع وتم تكثيف التوعية الصحية بين أفراد المجتمع في حين تفرغت الطواقم الطبية للانتشار في الخطوط الأمامية والتأكد من التزام الجميع بالإجراءات الوقائية كما استخدمت الطائرات بدون طيار والمزودة بالكاميرات في مسح الطرقات وتنبيه الناس بالتعليمات، وقد وصل عدد من تم عزلهم قرابة 56 مليون شخص كما أنشأت الصين مستشفيين في مدينة ووهان خلال أيام معدودة لمواجهة الحالات المتزايدة واستقدمت الأطباء من المناطق البعيدة الأقل ضررًا وسخرت قدراتها التكنولوجية ووسائل التقنية والروبوتات الذكية ونشرت التطبيقات في الهواتف للاطمئنان على السكان في منازلهم وعملت على تحسين فعالية وكفاءة خطتها لمكافحة الوباء وحماية العناصر البشرية من التعرض المباشر لمواقع العدوى. في مقابلة مع جريدة الاقتصادية تمت الأسبوع الماضي أوضح السفير الصيني لدى المملكة أنه رغم تسبب وباء (كورونا) في انخفاض المؤشرات الاقتصادية للصين في الشهرين الأولين من هذا العام إلا أنه لم يضر «عظام» الاقتصاد الصيني، مشيرًا إلى أن أساسيات الاقتصاد الإيجابي طويل الأجل وزخم الصعود لم تتغير، ولذلك فإن خلاصة الدروس المستفادة من التجربة الصينية في السيطرة على انتشار الوباء تمثلت في الإجراءات الصارمة والسريعة في إغلاق كل ما يساهم في وجود أي نوع من أنواع التجمعات وفرض غرامات قاسية على كل من لا يلتزم والمسارعة بتشييد مستشفيات ميدانية والتزام المجتمع الصيني بالأنظمة والتعليمات بالرغم من قسوتها وشدتها ووعيهم بأهمية تطبيق العزل في المنزل والذي ساهم بشكل كبير في السيطرة على انتشار الوباء وخفض أعداد المصابين. أنا على ثقة بأن التجربة السعودية لمكافحة هذا الوباء لن تقل نجاحًا عن التجربة الصينية وستعتبر قصة مكافحة انتشار هذا الوباء قصة نجاح جديدة تؤكد للمجتمع العالمي قوة وعظمة هذا الكيان.