نعم نعيش في أزمة ووفق خطر وباء محيط.. كل يسعى للتخلص منه رغم تباين ردود الأفعال والطريقة.. وبما كشف للعالم مَن أحسن التدبير ومَن رسب في المواجهة؟! مع ذلك ندرك تماماً أن ربنا - جل وعلا - لحكمة ما جعل من هذه الأرض متواصلة المشكلات والأزمات، (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات)، ولأن ربنا قد هيأ للإنسان كيف يتعلم ليخرج منها حينما يتفتق ذهنه بالحلول.. فالأزمات دفعت الإنسان إلى التفكير ومن ثم الاختراع ليقضي على الأوبئة التي ظهرت سابقاً، وكما قال السابقون: "العقل إذا لم تهزه الأزمات كسد".. لتكون من أفضل وسائل التربية لتدريب الشعوب على تحمل أعباء الحياة، واختراع الحلول لها. الأزمات الكبيرة مثل الحروب والكوارث والأوبئة تعيد صياغة الشعوب وتنمي التفكير بتجنبها.. وأيضاً هي تكشف الحال التي هي عليه وما تم لأجلها من قبل حكوماتها والمؤتمنين على مستقبلها.. وفي حياتنا الجارية فإن أزمة وباء كورونا رغم قساوتها إلا أنها كشفت لنا حالنا كسعوديين، بل وجعلتنا نثق بقدرتنا على المقارنة بغيرنا.. فلم تحضر أي مقارنة بين توقف اقتصادنا الكبير والتنازل عنه مؤقتاً وبين سلامة مواطن سعودي واحد.. لذا كانت تدابير إغلاق الحدود ومنع الفعاليات والعمرة وكل ما له علاقة بالاستثمار والمال حلاً استراتيجياً رغم قساوته.. بدا أننا كسعوديين أول من فعله على مستوى العالم. هذه الأزمة كشفت لنا الاستجابة القياسية لحكومتنا للتقليل منها وتفاديها، مقابل أن دولاً لم تحسن فعل ذلك حتى استشاط الوباء انتشاراً وتقتيلاً فيها.. وهنا الفرق بين من يفكر في شعبه ومن يفضل مصالحه.. ولا ننكر هنا أن الإجراءات العاقلة من قبل الحكومة السعودية قد أيقظت الناس وجعلتهم أكثر تفاعلاً وحيوية وعملاً لإيقاف الوباء. في المملكة علّمتنا أزمة كورونا دروساً كثيرة، فقد ولّدت لنا تلاحماً أكبر وتآلفاً غير مسبوق وتفاعلاً اجتماعياً جديراً بأن يكون نبراساً لمشروعات مستقبلية، والأهم وتلك ليست خاصة بنا وإن كان تفعيلها قد حضر بتجلّ لدينا وهو ما يخص استثمار الوقت إيجابياً بكل ساعاته، وهو ما لم نكن لنعمله لو أننا استمررنا على شأننا العادي كما كنّا.. أيضاً فقد نجحنا في تنفيذ معاملاتنا الحكومية عن بعد وتعليمنا عن بعد وحتى المحاكم لدينا نجحت في التحكيم والتقاضي عن بعد. العالم سيتغير جميعاً بعد كورونا.. وحين ينتهي - بإذن الله - ستظهر ثقافة ما بعد كورونا جلية فقد تعلمنا الكثير، ما كنا سنفعلها بإيجابية أكثر لولا ذلك، ونحن كما العالم لن نكون كما قبل كورونا.. والأهم أن يتعلم كثير من العرب من هذه الأزمة، فمن لم يستطع حماية شعبه وبات كالمجنون في التعامل مع الوباء كما كان عليه نظام إيران فكيف به أن يساعد غيره؟!