أينما وجد النجاح أو الفشل، اسأل عن الإدارة. في أي بيئة عمل في أي مجال، الإدارة هي السر، هي المحك، هي الفارق. في البيوت أيضاً تقوم الإدارة التربوية بدور مؤثر يساهم في بناء الشخصية لأفراد الأسرة ويعزز ترابطها لمصلحة الجميع. حديثنا اليوم هو عن الإدارة في الأندية الرياضية. هذه الأندية مؤسسات رياضية واجتماعية وبالتالي فإن نجاحها يتطلب عملاً إدارياً مؤسسياً وليس العمل بطريقة الفزعات أو الخطابات العاطفية، تقييم عمل الإدارة في الأندية الرياضية كان ولا يزال ينحصر في إنجازات كرة القدم لأنه النشاط الأهم في المنظومة الرياضية. إذا قيمنا أداء إدارات الأندية بمعيار كرة القدم وما يتحقق من إنجازات في هذا المجال - وهذا المسار في التقييم هو في الغالب ما يتبعه كثير من المتابعين والنقاد - سوف نجد أن إدارة هذا النشاط تتضمن تفاصيل كثيرة؛ خطة استراتيجية، خططاً تنفيذية، تنظيماً إدارياً، تنظيماً مالياً، استقطاب كفاءات إدارية، أنظمة، عقوداً، استثمارات، رعاة، استقطاب كفاءات فنية وطبية، استقطاب مدربين أكفاء ولاعبين يملكون الإضافة. السؤال بعد تلك التفاصيل: لماذا عندما ينجح الفريق في تحقيق الإنجازات يتغنى جمهور الفريق وإعلامه بتلك التفاصيل أي بالإدارة - وهو تحليل منطقي - ولكن في حال الفشل يكون الإسقاط على أسباب خارج محيط النادي مثل التحكيم، والمؤسسات الرياضية، وغيرهما من المبررات التي تصل إلى مستوى يعزز - بكل وهم - لنظرية المؤامرة بهدف تضليل جمهور النادي أو كخط دفاع يحمي الإدارة من غضب الجمهور غير المقتنع بتلك النظرية؟ المعضلة أن ما يسمى "إعلام الأندية" الذي يفترض أن يكون قدوة في النقد الموضوعي، وتوعية الجماهير قد يسير في تيار الإسقاطات تحت سيطرة الميول وبالتالي يساهم في التضليل وتأخير الحلول والإصلاح. الإدارة هي التي تقف خلف النجاح مثلما هي المسؤولة عن الفشل. قليل من الأندية التي تمارس التقييم الذاتي وتشخص المشكلات وتعالجها من الداخل. الأندية التي تفعل ذلك تحقق التطور والنجاح، أما الأندية التي تهرب من المسؤولية وتسقط أسباب فشلها على أسباب خارجية فهي تستهويها فكرة المظلومية وبالتالي تتوقف في محطة الفشل. هذا الإسقاط يحدث في الأندية الرياضية لتبرير الإخفاق في كرة القدم. ماذا لو وسعنا دائرة التقييم لتشمل الأنشطة الرياضية الأخرى، والأنشطة الاجتماعية، أليست هذه الأنشطة جزءاً مهماً من النادي بحكم كونه مؤسسة رياضية واجتماعية وليس نادياً لكرة القدم؟ هل الإخفاق في هذا المجال هو مسؤولية الإدارة أم تلجأ الإدارات المقصرة إلى الإسقاط؟ المؤسسات والأجهزة الأخرى عندما تفشل في تحقيق أهدافها يتجه التغيير إلى الإدارة وليس إلى فريق العمل؛ لأن الإدارة هي القيادة، هي التي تتخذ القرارات الاستراتيجية، وتحدد الأهداف، وتختار فريق العمل وتتابع وتقيم وتحاسب. الإدارة في الأندية الرياضية وفي غيرها من المنظمات هي المسؤولة الأولى عن توفير بيئة عمل يسودها التنظيم، والحوكمة والعمل بروح الفريق، والمصداقية، والتحفيز، والتواصل، ومراعاة الحقوق والواجبات، والاهتمام بالجوانب الإنسانية. هذه البيئة حين تتوفر تصبح بيئة جاذبة ومنتجة سواء في الأندية أو في غيرها. وفي مثل هذه البيئة تتوفر الشجاعة للاعتراف بالأخطاء أو الفشل ولا تلجأ المنظمة للإسقاط على أسباب خارجية لأن ثقافتها لا تسمح بذلك.