طاهر الزهراني روائي من جيل الألفية الجديدة، تشكلت ذائقته القرائية في أيام الصبا وسنوات ندرة الكتب، من خلال تجواله وجلوسه الطويل في قاعات المكتبات العامة، عشق السرد والقصة والرواية، وله في هذا المجال إصدارات عدة، كما أسهم في إطلاق مبادرة «انثيال» ورعايتها، التي اعتنت بالروائيين الشبّان وساعدتهم على تجاوز صعوبات كتابة الرواية الأولى وتحريرها ومراجعتها ونشرها، وقد أجرت «الرياض» معه هذا الحوار. «عالم منصور» احتوى المشردين «الحالمين» حدثنا عن مبادرة «انثيال» وفكرة التفاعل مع الكتّاب والمؤلفين الجدد في مشوار الإبداع السردي؟ * مبادرة «انثيال» كانت بهدف مصاحبة بعض الشبان الذين لديهم أدوات كتابة وهم قراء جيدون، وهي عبارة عن مسابقة تساعدهم على إكمال كتابة أعمالهم، من دون ضغط، وتقدمَ للمبادرة نحو 900 شخص، وبعد الترشيحات وصلنا إلى 30 كاتبًا، أنجز منهم 15 كاتبًا أعمالهم، ثم ولجت الأعمال إلى لجنة تحكيم، ورشّحت خمسة أعمال للنشر، وهي محاولات أكثر من جيّدة؛ لأنها لشبّان لديهم باعٌ في القراءة، ولكنهم كانوا يخوضون للمرة الأولى تجربة الكتابة الطويلة، وقد كان الفريق الذي عمل مع هؤلاء الشبان مخلصًا ومرافقًا جيدًا لهؤلاء المؤلفين، علمًا بأن هذه المبادرة تطوّعية وغير ربحية. كأنك تقول من خلال «عالم منصور» إن منعطفات يسيرة يمكن أن تحول بين الإنسان والأفضل في حياته، وإن عدم الفهم هو أحد مسببات الإخفاقات العظمى؟ * أنا أرى أن كثيرًا من المشردين بشكل ملحوظ في الأحياء الشعبية، ممن لم يعد لهم مأوى، لو عدنا إلى تواريخهم لوجدنا أنهم كانوا حالمين ويحملون نوايا طيبة تجاه العالم والآخرين، وكانوا يسعون إلى حياة أفضل وأجمل، لكن الحياة كسرَتهم، وأنا أرى أنه كما يمكن أن يمر الإنسان بمنعطف يرقى به فإنه قد يمر بمنعطف يهبط به، وكانت محاولتي من خلال «عالم منصور» ترمي إلى تسليط الضوء على أولئك المهمشين. هل يمكن أن نعد «عالم منصور» صرخة في وجه البيروقراطية؟ أم أنها تصور حتمية البؤس في حياة الأشخاص الذين يحيون بلا حظوظ؟ * لم رغب إطلاقًا في أن تكون الرواية صرخة في وجه البيروقراطية، فالبطل منصور كان يطمح إلى تغيير العالم بتبني القضايا، ولكنه كان يقع في الخيبات باستمرار، حتى وصل إلى مرحلة الكتابة، فأدّت طريقة تعامل الرقابة معه بشكل عفوي وغير مقصود إلى كارثة. الكلاسيكيات كتبت لقراء غير الحاليين نلحظ غيابًا كبيرًا من الجيل الجديد عن قراءة كلاسيكيات القرن التاسع عشر والعشرين من الأعمال الإبداعية العالمية، وإقبالهم على المترجمات الحديثة. * قرأت الأعمال الكلاسيكية الروسية في وقت متقدم، وكنت أجلس ساعات طويلة في مكتبة الملك عبدالعزيز، وأحيانًا أستعيرها بمساعدة بعض ذوي القرابة، وكانت الملهيات قليلة، والوقت متاحًا لقراءة المطوّلات، لكني أعتقد أن الأمر سيختلف مع قراء هذا الوقت، فأنا أتوقع أن تلك الأعمال كُتبَت لقارئ غير الذي في زماننا. من يقرأ «عالم منصور» ينتابه شعور بأنه قصة طويلة ولا يصل حجمها إلى مستوى الرواية من حيث الطول والتشعب الذي يُفترض أن تكون عليه الرواية. * عندما بدأت كتابة العمل لم يشغلني كثيرًا هل سيكون (نوفيلا) أم رواية طويلة، وعلى رغم ذلك فإن العمل طال في أثناء الكتابة، غير أنني حذفت منه كثيرًا بغرض أن يكون متماسكًا ويظهر بشكل جيد وأكثر تخففًا من الحشو والأخطاء الفنية، وهذا ما يهمني سواءٌ أكان ذلك من خلال ممارستي ككاتب أو كقارئ، لا يهمني أن يكون العمل طويلًا جدًا بقدر عنايتي بأن يكون قويًا ومتماسكًا. ما عملك الروائي المقبل؟ * لدي رواية توشك على الصدور هي «آخر حقول التبغ».