في زيارتي الأخيرة لدولة ماليزيا الإسلامية في سبتمبر 2010م بحثتُ كثيرًا عن كتب عربية بين أرفف مكاتب كوالالمبور وفي مكتبات المجمعات والفنادق ولم أجدها! والتقيتُ وقتها المسؤول الثقافي في سفارة المملكة بدر بن عبدالمحسن المقحم على أمل أن أجد ضالتي لديه وباغتني هو الآخر أنه ليس له وقسمه أي نشاط ثقافي عربي!. على الرغم من أن طابع الثقافة الدينية كان بائنًا مستبانًا على الشعب الميلاوي في ماليزيا بدءًا من الطقوس الإيمانية الملحوظة في التزاماتهم بضوابط الدين في دور العبادة بتباينها من مساجد وكنائس ومعابد. ومما أثار تنبُّهي وضوحًا تأثر الميلاويين في ماليزيا بالثقافة الهندية والصينية عبر مسرح الظل وفنون الدراما الراقصة المنتشرة في شوارع كوالالمبور وفرق الموسيقا بالآلات الإيقاعية التقليدية من طبول ومزامير وأبواق وآلات النقر بالأصداف البحرية. وقد باغتتني كوكبة مدهشة من أطفال مدينة كولالمبور في حديقة الحيوان وأنا في حالة تأمُّل فكري غارق في عجائب التكوين الإعجازي في خلق الحيوانات أطيافًا وأصنافًا تبهر عقل البشر وتحير العقول؛ إذ بمجموعة من الفتيات الماليزيات الصغيرات تتراوح أعمارهن بين 4 و7 سنوات يتناثرن حول أقفاص الزرافات والزواحف والفيلة والأسود والقردة ومالك الحزين وفرس النهر، وتبهرك نظرات أعينهن المسبحة لذات القدرة الإلهية رغم صغرها وانسداد مستواها البصري، وما يثير التساؤل ويشد الأنظار التزام هؤلاء الصغيرات بالحجاب الإسلامي الشرق آسيوي واللباس المحتشم وانهيالهن بالأسئلة المحيرة لمرشداتهن التعليميات اللاتي يرافقنهن في الرحلة، وبدأ النقاش الجاد معهن باللغة العربية الفصحى لمعرفة ما يسألن تلك المحجبات الصغيرات، فأجابت إحدى المرشدات أنهن يسألن عن تلك الحيوانات وأشكالها وكيفية عيشها وتناولها ما يناسبها من المأكولات، ونحن بدورنا نحاول أن ننمي ثقافتهن الإسلامية، ونعزز من ركيزتهن الإيمانية التي تقوي صلتهن بالله تعالى، وعبر مصطلحات الثقافة الإسلامية نستطيع أن نبلور شخصياتهن، ونؤدلج فكرهن، وزرع حقيقة الإيمان في نفوس صغيرة ستكبر يومًا وتعلم ما علمناها إياه للأجيال القادمة. حيث من المعلوم أن المراكز الإسلامية والمدارس العقائدية تنتشر بكثرة في مدن ماليزيا وولاياتها ال 14 بمختلف الألسنة وشتى اللغات، وقد شد انتباهي أن معلمة اللغة الإنجليزية التي تعلم تلك الصغيرات المسلمات من الديانة الهندوسية، وذلك ما يضيف جمالًا إلى الثقافة الإسلامية ذات الأبعاد العالمية، حيث حرية الأديان وتقبل المعتقدات واتساع رقعة الأيدلوجية بين بنيها وساكني أراضيها، وهذا ما تدعو إليه العقيدة الخالصة. اعتدال ذكرالله