كلما تكلم "طفاش" مع صديقه "جسوم" كان يثير ضحك أمي التي لم تكن تتحرك من أمام الشاشة حينما يحضر المسلسل البحريني "سوالف طفاش" كانت تحب أن تراقب خطواته عبر حارات "الفريج" فيما تتأمل صديقه "جسوم" كيف يتكلم بطريقة مستفزة تخالف أهدافه الحسنة، لطالما أعادت أمي مراراً وتكراراً حلقات "طفاش" التي كانت ترى فيها صورة للرجل البسيط الذي نيته السليمة تغلب على سلوكياته لكنها توقعه في المشاكل، كلما رأيت طفاش، أرى ضحكة أمي التي أحبها والتي ارتبطت لدي بالفنان البحريني "علي الغرير" الذي وافته المنية يوم الأحد 12 يناير من العام 2020م .. رحل "طفاش" هذه الشخصية التي لامست قلوب كل من سمع هذه "السوالف" التي لطالما تغلفت بالطبيعة البسيطة، برائحة الحارات التي تلفها التلقائية لأهاليها الطيبين، الذين يصدقون كل ما يقال لهم، لصوت صبيان الحي حينما يرسمون على التراب مربعات القفز الخمسة التي لطالما أمتعتهم، لحكايات الجنية التي تخرج من البحيرة، ولعمة "طفاش" التي بدلالها ومحبتها ل"طفاش" جعلت منه رجلاً بنصف عقل.. والكثير من الحكايات التي راقبها الكبار والصغار في "عوالم طفاش" والتي لم تكن الأولى، أو حتى الأخيرة. استطاع الفنان البحريني المبدع والراحل "علي الغرير" أن يكون من أبرز الفنانين البحرينيين والخليجيين الذين عُرفوا بالأدوار الكوميدية التي شكلت إرثاً كبيراً في ذاكرة الجمهور عنه، إلى جانب تلك الأدوار المميزة في الدراما والتي أثرت بداخل كل من اقترب منها، عدا عن المسرحيات التي شارك بها وبعض الأدوار في السينما والتي وضعته على محك الإبداع الذي كان بتلقائيته وخفة ظله تتقدم به بداخل الأطفال الذين أحبوه كثيراً. فقدم أكثر من خمسين مسلسلاً خليجياً زاخرة بالإبداع من أهمها: حزاوي الدار، الكلمة الطيبة، فرجان لول، البيت العود، نعم ولا، ظل الياسمين، ملاذ الطير، سوالف طفاش، نيران، سعدون، وغيرها الكثير. رحل الفنان الكبير علي الغرير بعد أن ترك خلفه شخصية مميزة اتسمت بالسهلة الصعبة في ذات الوقت، لصورة الرجل المضحك وفي ذات الوقت المبكي لدى العديد من أدواره التي يعرف من خلالها كيف يصنع النكتة، وفي ذات الوقت يخلق الضحكة المبهجة وابتسامة استطاعت أن تغير من مفهوم الكوميديا لدى الجمهور، بتلقائية عالية لا يمكن طيها في الوقت الذي تعتقد بأنه يتحدث دون أن يقصد إضحاك الناس، وهكذا هم كبار الكوميديا.