ثمة أناس خُلقوا لنحبهم بصدق.. أنتِ كذلك يا حصة.. برغم أننا لم نلتقِ كثيرًا منذ زمن، إلاّ أن علي أن أعترف بأن قلبي أصبح أكثر ضعفًا وأقل احتمالًا أمام كل من أحببتهم وأحبّوني بدون قيد أو شرط.. وعلّي أن أعترف أيضًا بأنه في رحيلك تركتِ أثرًا عميقًا وفراغًا كبيرًا لن يشغلهُ غيرك.. يكفي أن أستعيد ملامح زمنك الجميل لتعلمي أنك نبيلة دائمًا ولا تشبهي إلاّ أنتِ. في فضاءاتنا المحيطة بنا.. وبرحيلك يا حصة.. ينسدل زمان الصدق والعفوية التي وجدتها مختزلة في أحاديثك.. ولطفك الشديد.. دون غيرك بعيدًا عن الأقنعة والرياء والمجاملات، بعيدًا عن التهكم والسخرية على الناس، فمن مثلكِ عُمر نبيل وعشرة طيبة.. في وقت شُح فيه الإحساس بالآخر والود الصادق وإبداء الرأي الحقيقي المغلّف بكل الأدب الجم والاحترام والتهذيب الذي نطمح له في العلاقات الإنسانية.. ومضات عابرة تستدعيها الذاكرة من صور بعيدة للطفولة وقريبة لمواقف قد لا يلتفت لها البعض أو لا يكترث بها غيري ولكنها تعنيني كثيرًا.. لم أتخيل يومًا أن أرثيك يا شقيقة الروح، ولا اعتراض على قضاء الله فكما نعزّي أنفسنا بكِ نعزّيها أيضًا بأننا على هذا الدرب سائرون، وبرغم كل هذا الزخم من المشاعر وجدت أني لم أستطع أن أخفف عليّ، ولا أن أكتب جزءًا مما تستحقين، ولا عن كمّ الحزن الذي يملأ القلب والدموع التي تختزل كل الأخوّة والطفولة والحُب الخالص لكِ يا ابنة العم الحبيبة.. لا نملك إلاّ الدعاء.. (اللهم إني أسألك يا حنّان يا منّان يا بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام، أن تجعل أختي (حصة) من أهل الجنة. ولا نقول غير ما قال الله سبحانه وتعالى: (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ). إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك لمحزونون.