كنت أتمنى أن أمسك بزمام قلمي لأكتب رقية مثل كل مرة كما كان يكلفني المرحوم -بإذن الله- الشيخ أحمد سعيد يحيى الزهراني ولكنني هذه المرة أمسك قلمي لأرثيه وليكن مدادي الدموع بدلاً من الحبر حزناً ولوعة وفراقاً على رحيله الذي انفطرت له قلوبنا جميعاً والحقيقة أني أكنّ لشيخنا الفاضل حباً أخوياً كبيراً وتقديراً جماً لكنني لم أدرك مقدار هذا الحب وعمقه سوى الآن عندما لم يعد صوتي يعانق مسامعه ولا تقرأ عيناه كلماتي لقد ترجل أبو سليمان عن صهوة جواده ورحل عن دنيانا بهدوء وكان يوم وفاته يوم الجمعة 25/11/1430ه غير عادي لرجل غير عادي رحل بعد أن أكمل مسيرته العملية بالعمل والكفاح والجهد الدؤوب بادئاً حياته من الرياض وشاءت الأقدار أن يدفن جثمانه الطاهر في نفس المكان الذي شهد انطلاقته لقد رحل عنا بجسده ولكنه باقٍ معنا بذكرياته الطيبة وبعطفه على الصغير قبل الكبير وبأياديه البيضاء التي امتدت للقريب والبعيد وبكرهه للظلم وعدم التواني في ردعه وتميزه رحمه الله بالهدوء والحكمة ورجاحة العقل فضلاً عن أنه كان ولداً باراً بوالدته رحمها الله وزوجاً وفياً مخلصاً ووالداً عطوفاً ومربياً فاضلاً ولقد كان رحمه الله حريصاً أن يكون لنا نحن أبناء قريته حضوراً متميزاً بين القرى والقبائل في جميع المناسبات والمحافل ووصيته الدائمة لنا بأن نكون جماعة واحدة وألا نختلف ولا نفترق والخير إن شاء الله في أهالي قرية الوهدة الأفاضل. لا أستطيع في هذه العجالة أن أوفي فقيدنا الغالي حقه فمهما قلت ومهما كتبت أجد نفسي عاجزاً عن إعطائه حقه فلقد فقدت قريتنا خاصة وقبائل بني بشير وزهران عامة علماً من أعلامها ورمزاً من رموزها الافاضل. * صدق جبران خليل جبران عندما قال (المحبة لا يُعرف عمقها إلا ساعة الفراق) * رحمك الله يا رجل البر والإحسان رحمة واسعة وأسكنك فسيح جنّاته. ولعائلتك الكريمة ولكل من أحبك الصبر والسلوان (إنا لله وإنا إليه راجعون)..