الجامعات في شتى أنحاء العالم منارات التقدم العلمي والأخلاقي لأي دولة، وهذا ما استشعره قادة ومسؤولو المملكة التي وضعت ملامح رؤية 2030 وجعلت في مقدمتها تطوير السياسة التعليمية. ومما أشار إليه نظام الجامعات في المادة الثالثة عشرة الموافقة على إنشاء الكليات والأقسام العلمية أو دمجها أو إلغاؤها أو تعديل أسمائها، وهذا يدل على أن المخرجات لا بد أن تتوافق واحتياجات سوق العمل. وفي الحقيقة إن كثيرًا من الأقسام الحاجة إليها ماسة، وإنما لم تتم الإفادة من مخرجاتها على الوجه الأكمل. وهذه نقطة غاية في الأهمية تستلزم دعم وتطوير الطلاب عن طريق المناهج والبرامج والدورات، ثم تهيئة البيئة المناسبة لتخصصاتهم بما يعود بالفائدة على الفرد والمجتمع؛ إذ فاعلية المخرجات من أهم معايير نجاح الجامعات. ولو ضربنا مثالًا لقلنا: الخريجات اللاتي تعلمن الخياطة مثلًا لا بد من إسهامهم في المجتمع؛ فمثلًا مبادرة: (صنع في الليث) هي مبادرة من طالبات تعلمن الخياطة، وكانت مبادرتهن حياكة عباءات التخرج لخريجي الروضة، وقُدمت أعمالهن هدية لطالبات الروضة. مثل هؤلاء قد تُستثمر طاقاتهن فيما بعد في مجال الصناعة في وطننا الذي يحتاج لدعم الصناعات البسيطة، وتوفير كثير من فرص العمل لخريجي الجامعات في غير السلك التعليمي. فبدلًا من تخريج معلم يعلم الحياكة في المدارس، يتم تخريج صانع يصنع الملابس محليًا، فيتحقق شيء من الاكتفاء المحلي وينعش الاقتصاد، ويكتفي بذلك كثير من الأشخاص بل الأسر. وإني أعرف شخصيًا امرأة بسيطة مسنة كونت ثروة كبيرة واشترت بيتًا من عملها في حياكة الملابس البسيطة وبيعها في الأسواق. ولو أخذت الجامعة على عاتقها – في ظل النظام الجديد الذي يسمح بتعدد موارد الدخل - افتتاح مصانع يُعيّن فيها هؤلاء الخريجون القادرون، وصنّعت – على الأقل - الحاجات الضرورية وصدّرت للسوق المحلي لكان هذا من أعظم إنجازاتها؛ فيشمل عملها في: (تعليم- تخريج- توظيف- فائدة تعود عليها ماديًا). وقد يشارك في افتتاح المصانع واستقطاب الخريجين: التجار، والمستثمرون أو الدولة. قس إلى ذلك بقية التخصصات كصناعة الأدوية وغيرها، ما يسهم في تقدم المجتمع في جميع المجالات. لو وضع في عين الاعتبار كل ذلك، وتحققت مثل هذه الإنجازات على الأرض فقد قامت الجامعة بدورها في التأهيل وخدمة المجتمع، فهنيئًا حينئذٍ للجامعات بهذه الرؤية العميقة، ثم هنيئًا لها ثانية لو تحققت. فالنجاح هنا نجاحان؛ أولًا في عظيم التخطيط، وثانيًا في عظيم التحصيل.