يصعب على أي دولة في العالم تقديم الضخ والدعم الحكومي لتنفيذ البرامج والمشروعات في كافة المناطق بشكلٍ متساوٍ أو حتى الاستمرار في تقديم الدعم والإنفاق لأماكن لا يمكن تنميتها أو رفع مستواها التنموي وليس لديها الموارد التي تساعدها في الإنتاجية الاقتصادية أو حتى تمكنها من المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي بشكلٍ كبير، وهذا موجّه مهم يستدعي أهمية النظر في مستقبل القرى والمراكز والتجمعات السكانية الصغيرة المنتشرة. من جانبٍ آخر نجد أن التوجّه العالمي يتجه نحو زيادة التحضر الذي يعني الهجرة وانتقال سكان القرى والأرياف للإقامة في المدن مع بقاء المحافظة على المناطق الطبيعية والزراعية الريفية، حيث تمتلك المقومات العديدة التي تساعد في توفير فرص العمل والتوظيف وتمتلك البنى الأساسية للخدمات والمرافق، فالدراسات العالمية المنشورة تشير إلى أن هناك 2.4 مليار شخص إضافي في المدن بحلول العام 2050م، وهو معدل نمو حضري يعادل بناء مدينة يقطنها على سبيل المثال عدد كبير من السكان كسكان مدينة نيويورك كل ستة أسابيع. ما أود الوصول إليه هنا هو إبراز أهمية العمل على تقنين الدعم والإنفاق على التجمعات السكانية الصغيرة التي تفتقد لأدنى مقومات الاستدامة والذي يمكن اقتصاره على تقديم الدعم الأساسي لما هو موجود دون التوسع فيها، والتوقف عن اعتماد المراكز والتجمعات الصغيرة التي أثقلت كاهل القطاعات المعنية بالخدمات والمرافق بطلب توفير ومد تلك الخدمات والمرافق إليها، وهذا بلاشك يساعد في تحسين قدرات إدارة عملية النمو الحضري المتسارع الذي يجب أن يركز في النظر للمقومات المكانية المتاحة لضمان الوصول إلى كفاءة عالية في الدعم والإنفاق، مما يتطلب عمل دراسات فنية متخصصة لقياس القدرات المكانية للأراضي (Land Capability)، للمساعدة في تحديد الميزات النسبية والتنافسية ووضع التوجهات التنموية المستقبلية لها، خصوصاً إذا تم الأخذ في عين الاعتبار الحجم والمساحة المترامية الأطراف للمملكة والتي تتطلب التركيز في تعظيم الاستفادة من إمكانات ومقومات المدن لتساعد في تحقيق توجهات ومستهدفات الرؤية المستقبلية للمملكة 2030. *متخصص في التخطيط العمراني والتنمية