لم يكن مستغرباً بتاتاً الارتفاع الكبير الذي سجلته أرامكو السعودية في اليوم الثاني من التداول إلى مستوى 2 تريليون دولار في أكبر اكتتاب في التاريخ وفي أول تداول في تاريخ الشركة، وهو الرقم الذي أعلنه ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان في بداية طرح فكرة الاكتتاب في 2016 ومواصلة سموه تمسكه ودفاعه عن تقديره للقيمة السوقية التي تستحقها شركة أرامكو في ظل عدم اقتناع ثلة من ساسة الصناعة ومحلليها الذي ذهبوا متهكمين بأن المملكة فيما يبدو تحلم بطرح جزء من أسهم نبض الطاقة العالمي مع المبالغة في تقييم سعرها. إلا أن أولئك المتهكمين سرعان ما تكشفت صيحاتهم الواهية وأقنعتهم المزيفة التي حاولوا التخفي وراءها وتضليل العالم بخطورة الاستثمار في أسهم أكبر شركة محققة للأرباح المضمونة في العالم، الشركة التي لم تعد صادراتها النفطية المحور الرئيس في استثماراتها وموثوقيتها بل أيضاً بقوة أدائها التشغيلي والمالي الرزين ورؤيتها الاستراتيجية بأنها الشركة الرائدة والمتكاملة عالمياً في استثمارات الطاقة المتكاملة للنفط والغاز والتكرير والكيميائيات المعززة بأطر الاستدامة في زخم هائل من الموثوقية التي اشتهرت بها أرامكو كعلامة تجارية تميزها بالإنتاج منخفض التكلفة في مراحل الإنتاج الأولى للتنقيب واستكشافات النفط والغاز والمعالجة إلى الموثوقية الأكبر في الإمدادات المضمونة من ثرواتها التي ترفد بها العالم من النفط الخام منخفض الكثافة الكربونية في الوقت الذي يتمحور تركيز الشركة الأهم في تحقيق أقوى قيمة مضافة ممكنة لجميع مساهميها في ظل تقلبات أسعار النفط الخام في دوراته المختلفة. وهذا ما تؤكده الأرباح القوية التي حققتها شركة أرامكو السعودية بنهاية التسعة أشهر المنتهية في سبتمبر 2019 بقيمة 512,101 مليار ريال (136,561 مليار دولار) قبل الضريبة، وذلك بالرغم من اضطرابات سوق الطاقة العالمي ومشكلاته الجيوسياسية في الوقت الذي اعتمدت الحكومة عدة تغييرات على النظام المالي الذي تعمل الشركة بموجبه اعتبارًا من 1 يناير 2017 وتشمل تخفيض معدل ضريبة الدخل المطبق على شركة أرامكو من 85 ٪ إلى 50 ٪ وتخضع الشركات التابعة عمومًا لمعدل الضريبة بنسبة 20 ٪، ما لم تشارك هذه الشركة الفرعية في إنتاج النفط والمنتجات الهيدروكربونية المرتبطة به، إضافة إلى تنفيذ الحكومة آلية معادلة لتعويض الشركة عن الإيرادات التي تتنازل عنها مباشرة نتيجة بيع النفط الخام والكيروسين والديزل وزيت الوقود الثقيل والبنزين في المملكة بأسعار منظمة. فضلاً عن تعديلات الحكومة للامتياز الذي يسري اعتباراً من 1 يناير 2020 والذي يرتكز على ثلاثة محاور أولها تخفيض معدل الريع المطبق على إنتاج النفط الخام إلى 15 % من 20 % فيما يتعلق بأسعار برنت حتى 70 دولاراً للبرميل. ويشمل ثاني التعديلات زيادة معدل الريع الهامشي من 40 % إلى 45 % المطبق على أسعار برنت التي تزيد على 70 دولاراً للبرميل وحتى 100 دولار للبرميل. أما ثالث التعديلات فينص على زيادة معدل الريع الهامشي من 50 % إلى 80 % المطبق على أسعار برنت التي تزيد على 100 دولار للبرميل.