بعد مرور أكثر من 140 يوماً على بدء وعقد عدد من المناظرات بين المرشحين داخل الحزب الديموقراطي، أصبح من الواضح أن الشخصيات الأكثر بروزاً بين المرشحين الديموقراطيين تفتقر إلى مقومات المنافسة على مقعد الرئاسة أمام مرشح الحزب الجمهوري دونالد جي ترمب. هذه الحقيقة أصبحت ملموسة من قبل المتابع للمشهد السياسي في واشنطن، خصوصاً بعد فضائح الفساد المالي التي أحاطت بجو بايدن وابنه هنتر من خلال تعاملات مشبوهة مع الصين وأوكرانيا. كذلك "إليزابيت وورن"- الأكثر حظاً بعد بايدن-والتي هدد كبار الداعمين للحزب الديموقراطي بالانسحاب في حال حصلت على بطاقة الترشح، أما "بيرني ساندرز" فاللجنة الوطنية للحزب الديموقراطي لم تغير من موقفها الرافض له منذ انتخابات 2016 أمام كيلنيتون هيلاري. لم يبقَ إلا "كمالا هارس" التي عجزت عن إقناع الناخبين بشخصيتها؛ بالرغم من دعم الإعلام لها، علاوة على كل ماسبق ذكره، فإن جميع المرشحين عجزوا عن تقديم حلول عملية وواضحة لأهم القضايا التي تشغل المواطن الأميركي، وهي الاقتصاد، والهجرة غير الشرعية، والرعاية الصحية. في هذا السياق تقول "دانا بريزل" -الرئيس السابق للجنة الوطنية للحزب الديموقراطي والمتنفذة داخل الحزب- "يجب القبول بهذا الواقع لعدم وجود بديل عن جو بايدن".! وقد فسر المخضرمون داخل واشنطن هذا التصريح بأنه إعلان مبكّر عن استسلام الحزب واعتبار 2020 رهاناً خاسراً أمام ترمب؛ لذلك توجب دعم وتقديم شخصية مثل جو بايدن لاتؤثر خسارتها على هوية الحزب الليبرالية المتقدمة. هذا السيناريو أو الاستراتيجية -إن صح التعبير - سبق وأن تكررت عبر التاريخ، وبالتحديد للمرشح الديموقراطي "والتر مونديل" في 1984 أمام رونالد ريغان، وكذلك "بوب دول" أمام بيل كلينتون.! لكن اليوم يبدو أن هناك من يختلف مع "دانا بريزل" بالرأي داخل الحزب الديموقراطي، ولن يقبل بالهزيمة في وقت مبكّر؛ والدليل على ذلك دخول شخصية جديدة للمشهد الانتخابي 2020، وهو مايكل بلومبيرغ -رجل أعمال أميركي من أصول يهودية شرق أوروبية، مؤسس شركة بلمومبيرغ المحدودة- حيث قدم أوراقه في خطوة أولية للترشيح لانتخابات 2020. يملك بلمومبيرغ سيرة ذاتية تحتم على ترمب إعادة حساباته، وخفض مستوى توقعاته؛ فهو ابن مدينة نيويورك المعروفة بصقل الرجال، حاله كحال دونالد ترمب تماماً، بالإضافة إلى كون المجال التجاري الذي يستثمر فيه هو الإعلام، وقد يتفوق على ترمب في هذا المجال الذي طالما ميز ترمب عن منافسيه.! عرف بلمومبيرغ بتبرعاته وبذله السخي، فقد تبرع ب(8.2) مليار دولار، بما في ذلك تبرعه الذي بلغ (1.8) مليار دولار في نوفمبر 2018 لجامعة جونز هوبكنز - أكبر تبرع خاص تم تقديمه إلى مؤسسة تعليم عالي. كذلك يتميز بلمومبيرغ عن ترمب بخبرته السياسية؛ فقد كان حاكم ولاية نيويورك لثلاث فترات انتخابية، كان أبرزها انتصاره في عام 2001 بالرغم من تقدم منافسه عليه ب12 نقطة قبل الإعلان الأخير ليكون دليلاً وشاهداً على أن هذا الرجل لا يعرف الاستسلام.! بلمومبيرغ تقلب في انتماءاته الحزبية بين مستقل وجمهوري وديموقراطي؛ الأمر الذي قد يؤثر عليه بشكل سلبي.! دخول "مايكل بلمومبيرغ" يعد نتيجة طبيعية وخطوة ملحة مع ضعف طرح ورؤية المرشحين الحاليين ونجاحات ترمب غير المسبوقة على مستوى الاقتصاد والهجرة. هذه الخطوة سبقها تعليق للرئيس ترمب عبر حسابه في تويتر حيث دعا الحزب الديمقراطي إلى الدفع ب"مرشح أفضل" في الانتخابات الرئاسية القادمة عام 2020 لتكون بمثابة الاتفاق اليتيم بين الديموقراطيين والرئيس ترمب منذ تنصيبه.! بالرغم من أن بلمومبيرغ يعد مرشحاً مميزاً إلا أن عليه تحقيق المعادلة الصعبة المتمثلة في كونه رجل أعمال فاحش الثراء، وأن لا ينتهي به الحال كما كان مصير "هوارد شولتز"، صاحب مجموعة ستاربكس الذي أعلن عن رغبته بالترشح كمستقل، وتراجع بعد الهجوم اللاذع الذي تعرض له من قبل الناخب الديموقراطي باعتباره من طبقة رجال الأعمال الجشعين.!