بعد 11 شهراً على انطلاق سباق الترشّح الديموقراطي لانتخابات 2020 في الولاياتالمتحدة، أثار انضمام مرشح جديد واحتمال دخول آخر إلى ساحة المرشحين المكتظة القلق من أن الحزب يواجه صعوبات في العثور على المنافس الأنسب لمواجهة الرئيس دونالد ترامب. وأعلن الحاكم السابق لولاية ماساشوستس ديفال باتريك ترشحه أمس الخميس، ليصبح بذلك المرشّح ال18 للانتخابات قبل أقل من ثلاثة أشهر على بدء الإدلاء بأولى الأصوات في الانتخابات التمهيدية للحزب الديموقراطي في آيوا. كما قام رئيس بلدية نيويورك السابق الملياردير مايكل بلومبرغ، المعتدل سياسيًا، بخطوات رسمية للترشح في عدة ولايات مؤخراً، باعثًا برسالة لاذعة تدل على أنه يشكك في قدرة أي من المرشحين الأبرز على هزيمة ترامب. وحتى هيلاري كلينتون، التي ترشحت وخسرت في انتخابات 2016، قالت هذا الأسبوع إنها لن تستبعد تمامًا احتمال ترشحها للرئاسة مرّة أخرى. ولم يشارك أي منهم في المناظرات هذا العام وتغيّبوا عن النقاشات المرتبطة بالسياسة التي ترسم ملامح المعركة بين الشخصيات المعتدلة وتلك الأكثر يسارية داخل الحزب. لكن دخول باتريك إلى الساحة وتلميح بلومبرغ الى أنه يتحرّك في هذا الاتجاه، يشير إلى أن المنافسة لا تزال غير مستقرة وأن الديموقراطيين المؤثّرين غير راضين عن الخيارات الحالية. وقال استاذ السياسة في جامعة جورج واشنطن ماثيو داليك لفرانس برس "هناك الكثير من الاضطرابات داخل الحزب، والكثير من القلق" حيال "هذه الرغبة العارمة للعثور على شخص بإمكانه هزيمة ترامب". ويرى البعض أن المرشح الأوفر حظًا جو بايدن الذين أطلق حملته عبر تصوير نفسه على أنه شخصية قادرة على توحيد صفوف الديموقراطيين بات معرّضًا لارتكاب اخطاء ولم يعد أهلا لهذا الدور. وبإمكان ارتباطه بالتحقيق الرامي لعزل ترامب أن يقوّض فرصه ويوفر مادة مناسبة لهجمات الجمهوريين. ويتناول التحقيق ضغط ترامب على أوكرانيا لفتح تحقيق بشأن بايدن ونجله الذي كان في مجلس إدارة شركة طاقة أوكرانية. أما احتمال ترشيح السناتورة إليزابيث وارن لمواجهة ترامب، فعزز المخاوف من أن الحزب الديموقراطي بدأ يميل بشكل كبير إلى اليسار، ليصبح غير قادر على كسب أصوات ما يكفي من الناخبين المستقلين أو الجمهوريين الذين طفح الكيل في أوساطهم من ترامب. وينطبق الأمر ذاته على السناتور بيرني ساندرز الذي حذّر الجمهوريين من أنه يرغب بمزيد من الاشتراكية في الولاياتالمتحدة. وقال داليك "أعتقد أن هناك شعوراً بأن بايدن ليس بهذه القوة أو أكثر ضعفًا مما اعتقد الناس وأن إليزابيث وارن ليست الشخصية الأنسب لمواجهة ترامب". وقد يُنظر إلى رئيس بلدية مدينة ساوث-بند في إنديانا المثلي البالغ من العمر 37 عامًا بيت بوتيدجادج الذي يتقدم في استطلاعات الرأي على أنه صغير في السن ويفتقد للخبرة. وقال الاستاذ المساعد في مجال السياسة من جامعة برانديز زاكاري ألبيرت "ربما يبحثون عن بايدن أصغر سنًا أو بايدن بملفات أقل أو ربما عن بوتيدجادج أكثر خبرة". ويرى ألبيرت أن هذه المواصفات قد تنطبق على باتريك (63 عامًا). وكان بين أوائل حكام الولايات الأميركيين من أصول إفريقية في البلاد وبقي في منصبه لثماني سنوات ولديه خبرة مؤسساتية غنية وهو صديق لكبار الشخصيات في الحزب بمن فيهم الرئيس السابق باراك أوباما. لكن المرشحين المنافسين انتهوا من لقاء آلاف الناخبين وأقاموا عشرات الاجتماعات مع الناخبين في الولايات التي تصوّت مبكراً -- آيوا ونيوهامشير وكارولاينا الجنوبية --وأقاموا جلسات نقاش شعبية وأسسوا شبكات واسعة من الممولين. مشوار صعب يعد اللحاق بالركب أمراً صعبًا. وقال رجل الأعمال أندرو يانغ الذي وصل إلى المرتبة السادسة في السباق وفق استطلاعات الرأي بعد حملة مضنية استمرت لعام في أنحاء آيوا عبر تويتر الخميس "من الصعب الحصول على شغف (الناخبين) في طرفة عين". وقال في إشارة إلى باتريك غير المعروف بشكل واسع على الصعيد الوطني "أمامه رحلة غاية في الصعوبة". أما بلومبرغ الأكثر شهرة والبالغ من العمر 77 عامًا، فربما يحاول شراء الوقت لرؤية إن كان الناخبون المبكرون سيلتفّون حول أحد المرشحين. وقال استاذ العلوم السياسية المساعد في جامعة كلارك في ماساشوستس روبرت بوترايت "إنه ينتظر لمعرفة ماذا سيحدث". وأضاف "إذا انقسمت الساحة الديموقراطية في أول أربعة أو خمسة انتخابات تمهيدية، فقد يبدأ الناس في هذه المرحلة البحث عن بديل". وسبق أن شهد الحزبان هزّات كبيرة خلال الانتخابات التمهيدية في الماضي بما في ذلك عام 2016 عندما تقدّم ترامب الذي لم يكن معروفًا على المرشّح الأوفر حظًا آنذاك جيب بوش ليكسب ترشيح الحزب الجمهوري. ومع ذلك، أشار ألبيرت إلى أنه لا يزال من المبكر التحذير من ضعف الساحة الديموقراطية. وقال "إذا رأيتم الحزب (...) غير قادر على اختيار مرشح محدّد أو مرشحَين على الأمد البعيد، فأعتقد أن هذا سيكون مؤشر ضعف".