إن أعظم الأعمال ثمرة واستمرارا هي ما تزرعه في عقول الأجيال، وما تزرعينه أنت في قلوب من تربين على مستوى التعليم أو البيت؛ فالمرأة عطاء يتدفق لا ينضب أبدا؛ إلا من رضيت بترك دورها والتخلي عن المسؤولية «المرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها». إن استثمار الأوقات في تنشئة الأجيال؛ لهو من أعظم العمل. يقول الله عز وجل (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ (إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) في هذه الآيات دليل على أن تحقيق تلاوة القرآن تكون بالعمل به؛ حيث أثنى على التالين لكتاب الله بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والتجارة مع الله، هكذا يتحقق العمل بالقرآن والسنة وفي ذلك يقول تعالى (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) فاتباع السنة سبيل لمحبة الله للعبد. إن غرس هذه المفاهيم لدى الناشئة أيا كان دورك، بناء متين لا يتزعزع؛ لأنه مبني على قواعد المصدر: الوحي الذي (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد)، (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى). الأمة اليوم بحاجة لتربية جيل يحمل هم أمته، ويملأ قلبه بخشية الله، ومع تلك الجهود المباركة على مستوى الأسرة أو المجتمع؛ إلا أن أبلغ أثر يقع في نفوس الناشئة: التربية بالقدوة، من الخطأ حينما يوجه الأب ابنه ثم يراه يخالف عملُه قولَه!!، أو تنصح الأم أو المعلمة ابنتها وطالبتها ثم تقع في المحظور!!، ليس فينا معصوم؛ ولكن بالقدوة أنشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم جيلا قاد الأمة ونقل الوحي طاهرا كما أنزل؛ فأدوا لنا أعظم أمانة يمتد أثرها إلى قيام الساعة. نحن أمام تحديات، فلا بد من استشعار المسؤولية والتربية بالقول العمل؛ فهما خطان متوازيان ليثبت الأثر في النفوس، وتخنس شياطين الجن والإنس (والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما)؛ فقدم مراد الله في نفسك وفي الجيل الذي ترعاه لينمو على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومنهج سلف الأمة، فيصبح جيلا راسيا كالجبال لا تهزه العواصف والمحن. اللهم احفظ شباب وفتيات المسلمين في عقولهم وأخلاقهم ودينهم، وحبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا وإياهم من الراشدين.