المشهد السياسي العام للمنطقة الخليجية والعربية، متوتر وقلق ومتشنج وتصريحات متضاربة مرتبكة أحياناً، ويشهد المنظر العام حدوث دراماتيكية معقدة وخطيرة، بفعل التدخلات الإقليمية والدولية ضد المنطقة الخليجية العربية، التي شهدت صيفاً ساخناً وقاتماً، سماؤها ملبدة بالغيوم على غير العادة منذ عدة عقود، ونشوب أجواء حروب في المنطقة أصبحت تطل برأسها بقوة، والفتنة نائمة "لعن الله من أيقظها" والسن بالسن والبادئ أظلم. حيث إن منطقة الخليج العربية الجاذبة والخصبة بالموارد المختلفة وموقعها الاستراتيجي تفتح شهية الأعداء المتربصين في المجازفات والمغامرات للاقتراب منها، وتجعل لبعض الدول والخصوم مطامع سياسية واقتصادية في هذا المكان الخصب الذي أصبح محط أنظار العالم، لما تشهده المنطقة الخليجية من تطور ونمو وازدهار ونهضة عمرانية واقتصادية. وأعداء الأمة العربية والإسلامية لا يريدون لهذه الأمة أن تنهض أو أن ترتاح أو تزدهر، رغم عطائها ودعمها للمنظمات الدولية والإنسانية في العالم، إلا أن البعض يستكثر على العرب والمسلمين أن يكتفوا ذاتياً ويعتمدوا على أنفسهم من خلال مواردهم الصناعية وطاقاتهم البشرية وكلما تنهض دولة عربية وتتميز بطاقاتها وإبداعها يكيد لها الأعداء بالخصومة ويتربصون لها بالمرصاد لثنيها إلى الوراء ولذلك شنت بعض الدول سواء مباشرة أو عن طريق أذنابها وأعوانها الحروب والتحرشات، وبث روح الطائفية والمذهبية لزرع الفتن في أوساط مجتمعاتنا الخليجية المسالمة والمتصالحة مع نفسها ومع جيرانها والعالم. وما نشهد اليوم من حملة مغرضة ومحرضة ضد المملكة العربية السعودية، ينطبق عليه ما ذكر أعلاه، لأن المملكة مستهدفة في دينها وعروبتها ووطنيتها وقيادتها الرشيدة وشعبها العربي الوفي المخلص لقيادته ووطنه على مرور الزمن وجميع الأزمات. ويحاول الأعداء استفزاز المملكة وجرها إلى حروب ومناوشات جانبية، لكي يوقفوا تطورها وازدهارها ونموها المتسارع، بعد التطورات الأخيرة والقفزات السريعة لبناء الوطن وتطويره، خصوصاً تطوير منشآتها النفطية والاقتصادية والمالية العملاقة التي أصبحت مخزوناً استراتيجياً واقتصادياً للعالم كله، وهذا بفضل الله ثم بفضل رؤية ونظرة حكومتنا الرشيدة التي تنظر إلى المستقبل ولا تلتف إلى الوراء. ومن خلال ما تشهده المنطقة من تجاذبات وتوترات وانقسامات طائفية ومذهبية وعرقية وإثنية، ظلت المملكة صامدة وقوية ومتماسكة عبر 89 عاماً من الوحدة الوطنية القوية المنسجمة مع قيادتها وشعبها. ويحاول البعض أن يزج بالمملكة في اتهامات مضللة وباطلة من خلال الشائعات المغرضة والمضللة من خلال إعلام مسموم ومأجور بأن المملكة هي من تقف وراء بعض الأعمال الإرهابية التي وقعت بعد حادثة الاعتداءات الآثمة على المنشآت النفطية في شرق المملكة، متوهمين أن المملكة يمكن أن تنجر وراء هذه الأعمال الإرهابية المستنكرة والآثمة والتي ترفضها المملكة من حيث المبدأ أو أنها تتعامل بردود الأفعال مثلاً. ونسي المتوهمون قصيرو النظر الذين لا يدركون ولا يعرفون، بل يجهلون سياسة المملكة العربية السعودية الحكيمة والمتأنية المتوازنة على مر التاريخ والأزمان في التعامل مع الأحداث والمحن، فهي حكيمة وتستخدم الصبر والحكمة والمشورة ودراسة الحدث قبل التعامل معه بجدية صارمة، فالمملكة تستخدم النفس الطويل والعمل الاستراتيجي المدروس دراسة دقيقة ومتأنية ومحسوبة، قبل أن تخطو أي خطوة وقبل اتخاذ القرار السياسي والعسكري والحاسم والمصيري بعيداً عن التهور والتهويل، وهذه سياسة المملكة المتوازنة على مدى 89 عاماً منذ نشأة الدولة الوطنية السعودية وحتى الآن، وهذا شأن الكبار في اتخاذ القرار الحازم والخطير. والمملكة قادرة على حماية نفسها وشعبها وممتلكاتها من أي خطر أو أذى، بالطرق الشرعية والقانونية وفق الأنظمة المعمول بها في الدول المحترمة ووفق ما تمتلكه من قوة ضاربة ورادعة على المستوى الأمني والعسكري والاستراتيجي، ولا تتعامل مع الخصوم بطرق العصابات الإرهابية والميليشيات الصغيرة والمشبوهة، لأن هذا شأن الدويلات الصغيرة والمنظمات الإرهابية الخارجة عن القانون والمارقة عن السيطرة، والتي لا تمتلك المواجهة الحقيقية مع الخصم، بل تستخدم الطرق الملتوية والمشبوهة عبر الإرهاب الأعمى والأسلوب الرخيص الذي تترفع عنه المملكة وعن هكذا أسلوب قاصر وصغير يصلح للصغار والميليشيات المرتزقة والمأجورة في قتل الأبرياء، وزعزعة أمنهم، وترويع الأطفال والنساء، وهذا لا يليق إلا لمن يمارسه في ظلام الليل وهم خفافيش الظلام. سوف يثبت التاريخ ويأتي اليوم الذي ترغب فيه المملكة باتخاذ القرار بالرد القوي الحاسم والحازم والمزلزل في الوقت المناسب وتحتفظ بالرد الموجع حسب ما تراه مصلحتها الوطنية، الذي يسر الصديق ويغيظ العدو، تحت الشمس وفي وضح النهار وعلى رؤوس الأشهاد بكل شجاعة متناهية ووضوح تام وثقة كبيرة لا حدود لها، ولا تخشى في الحق لومة لائم، مهما مارس الأعداء والخصوم الخداع والمراوغة، وارتدوا ألف قناع وقناع، فالشمس لا يغطيها الغربال، ولتبقَ راية التوحيد الخضراء خفاقة عالية فوق هام السحب.