أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب الثلاثاء في تغريدة، أنه أقال جون بولتون مستشاره للأمن القومي الذي كان على خلاف معه بشأن العديد من الملفات الساخنة من إيران إلى كوريا الشمالية مروراً بأفغانستان. وتأتي هذه الإقالة الملفتة التي تتعلق بأحد أكثر المناصب أهمية في البيت الابيض، وسط أجواء من التوتر الشديد بين واشنطن وطهران، وهو الملف الذي وجه بشأنه ترمب إشارات متناقضة في الأسابيع الأخيرة تراوحت بين التشدد الكبير والرغبة بالتفاوض بل وحتى لقاء نظيره الإيراني حسن روحاني. ومع أنه من المبكر القول بأن القرار سيشكل منعطفا في السياسة الخارجية لترمب، فإن رحيل هذا السفير السابق المعروف بميله للحروب سيغير بلا شك من دينامكية اتخاذ القرارات في البيت الأبيض. وعلق مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون أن عزل جون بولتون، يزيح عقبة أمام إمكانية إجراء محادثات نووية بين الولاياتالمتحدةوإيران لكن احتمالات أن يؤدي مثل هذا الحوار إلى نتيجة إيجابية لا تزال محدودة. وكان بولتون، ثالث مستشاري ترمب للأمن القومي، ينادي بالعمل على وقف صادرات النفط الإيرانية بالكامل كما عارض رغبة ترمب في لقاء الرئيس الإيراني حسن روحاني. وكتب كليف كابتشان المسؤول السابق بوزارة الخارجية، الذي يعمل الآن في شركة يوراسيا غروب لاستشارات المخاطر السياسية، تحليلاً يقول فيه "كان بولتون هو الدكتور لا عندما كان الأمر يتعلق بالمحادثات مع إيران. وبدعم من بولتون تخلى ترمب في العام الماضي عن الاتفاق متعدد الأطراف الذي توصل إليه سلفه باراك أوباما في العام 2015 وبمقتضاه وافقت إيران على تقليص برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها. ومنذ ذلك الحين أعاد ترمب فرض العقوبات الأميركية على إيران وتحرك في مايو الماضي لمحاولة قطع صادرات النفط الإيرانية التي تعد مصدر الدخل الرئيسي للحكومة بالعملة الصعبة. وجادل ترمب بأن اتفاق 2015 لم يصل إلى المدى الكافي لمنع إيران من الحصول في نهاية المطاف على السلاح النووي وانتقد الاتفاق أيضاً لأنه لم يتناول برنامج إيران الصاروخي ودعمها لفصائل على الصعيد الإقليمي. متفقون تماماً خلال إفادة إعلامية قال وزير الخزانة ستيفن منوتشين أنه وترمب ووزير الخارجية مايك بومبيو "متفقون تماما على حملة الضغوط القصوى" التي تنفذها الإدارة الأميركية. ويعتقد مسؤولو الإدارة أن الضغوط ستجبر إيران في نهاية الأمر على الإذعان لمطالبهم التي تتضمن إجراء عمليات تفتيش تفصيلية بشكل أكبر في المواقع النووية. وسئل بومبيو في الإفادة نفسها عما إذا كان يرى إمكانية عقد اجتماع بين ترمب وروحاني هذا الشهر فقال "بالتأكيد". وأضاف بومبيو "أوضح الرئيس تماما أنه على استعداد للقاء دون أي شروط مسبقة". ووصف مسؤول كبير سابق بإدارة ترمب بومبيو ومنوتشين بأنهما "أقل تشددا" فيما يتعلق بإيران من بولتون وقال إن هذا معناه أن ثمة فرصة لعقد اجتماع مع روحاني إذا أسقط الإيرانيون شرطهم رفع العقوبات بالكامل أولا. وقال مسؤولون أميركيون آخرون حاليون وسابقون أنه لم يكن هناك شك قط في إمكانية عقد الاجتماع، على الأقل من وجهة نظر ترمب، لكن احتمالات أن يكون أي من الجانبين على استعداد لتقديم تنازلات محدودة. وقال فيل جوردون المسؤول السابق بوزارة الخارجية والبيت الأبيض في عهد أوباما "لم تكن المشكلة قط في تصور إجراء محادثات بين الجانبين" موضحاً أن ترمب برهن من خلال محادثاته مع كوريا الشمالية على أنه "يحب أن يكون في صدارة الأحداث". وأضاف "بل إن المشكلة في تصور عقد صفقة يمكن أن يوافق عليها الجانبان فعليا. فمن الصعب تصور قبول الإيرانيين للشروط الأميركية الحالية التي تتضمن إنهاء تخصيب اليورانيوم إلى الأبد وعمليات تفتيش أكثر تدقيقا وقيودا على الصواريخ الباليستية وتغييرا شاملا في سياسة إيران الإقليمية". وأفاد جوردون "لذا سيتعين على ترمب من أجل التوصل إلى صفقة أن يقلص شروطه بدرجة كبيرة وهو ما سيكون أمرا من الصعب تسويقه داخليا وفي المنطقة. ربما يزيح رحيل بولتون عقبة في هذا المضمار لكن لا تزال هناك عقبات كثيرة في الطريق".