قصة نبي الله يونس من أشهر قصص القرآن، وقد ذُكِرَت في الكتب السابقة أيضاً ويعرفها أهل الكتاب، واسم يونس (Jonah) لا يزال يستخدم لأسماء المواليد الغربيين، والقصة المعروفة أنه دعا قومه وعاندوا فغضب وتركهم من دون إذن الله له، وعلى السفينة استهموا وقذفوه اعتقاداً أن هذا سيهدّئ العاصفة الشديدة، وما إن سقط حتى ابتلعه الحوت وجلس في بطنه فترة لا نعلمها، هنا السؤال الشائع: أيّ حوت ابتلع يونس؟. لو ذهبتَ لبعض المتاحف والجامعات ستجد الهيكل العظمي الكامل للحوت الأزرق، وهو أضخم كائن خلقه الله على كوكبنا، أضخم من أكبر ديناصور، أعجوبة تستحق أن تقف أمامها وتنبهر لأيام، إذاً لا شك أن الحوت الأزرق هو الذي ابتلع يونس، لا، وإليك حقيقة مدهشة عن هذا الكائن: الحوت الأزرق لا يستطيع أن يبتلع أي جسم أكبر من كرة! وربما أصغر! حلق الحوت الهائل هذا لا يزيد في قطره عن قطر بعض صحون المطبخ، 30 سم فقط في بعض التقديرات، رغم فمه الواسع. يقضي معظم السنة صائماً (8 أشهر) فإذا أتى الصيف أكل 3 أطنان كل يوم، يتغذى على نوع معين من الحياة البحرية اسمه كريل يشبه الجمبري. إذاً الحوت الأزرق ليس صاحبنا، ما الحوت الذي يحتمل أنه بطل القصة؟ هل هو حوت العنبر؟ صاحب أكبر مخ لأي كائن، يصل طوله إلى 20 متراً ووزنه إلى 57 طناً، وقد أغرق سفناً في الماضي حتى إن الرواية الشهيرة "موبي ديك" أُسِّسَت عليه، عن القبطان إيهاب الذي يطارد الحوت العتيد العنيد مهما كان الثمن، ولحوت العنبر شكل مميز لا يمكن أن تخلط بينه وبين أي حوت آخر، حتى إنه يبدو كرسمة كاريكاتير طريفة! ومثل باقي الحيتان فهو مسالم ولا رغبة لديه في إيذاء البشر، ويستخدم أسنانه للدفاع عن النفس، ومن صفاته يبدو أنه أقرب حوت يحتمل أن يكون ابتلع يونس بأمر الله، ولعله بعد ذلك قضى بقية أيامه يتحرك ويأكل ببراءة غير عارف أن في جوفه رسولاً كريماً، وأنه سيكون جزءاً من قصة شهيرة تتناقلها الأجيال والقرون إلى الأبد.