تمر علينا في الحياة حالات وقصص وروايات، الواقع على أرض الحياة التي تقدم لنا من بعض عباد الله الصالحين من شاء لنا القدر أن نعايشهم ونتتبع مسيرتهم، من هؤلاء من نقف لهم إعجابا وتعجبا، من هؤلاء من نقف معهم افتخارا وفخرا، من هؤلاء من نقف فيهم مدحا وشكرا، من هؤلاء موضي محمد الحكير رحمها الله. كم من فقير أو محتاج أو صاحب دعوة رفع بها يديه إلى ربه وناداه أن الله ساعدني وهيئ لي من أمري رشدا، فيكون الدعاء في صفحة الإجابة وتصرخ السماء إن الله عز وجل قد أمر بتلبية دعوة عبده فليعم جند الله على أرضه بذلك، لهذا صناع الخير هم جند الله وهم الأسباب التي تلبى بها الدعوات وتقضى بها الحاجات، هكذا كانت غفر الله لها موضي بنت محمد الحكير جندي من جنود خالقها أثقلتها السنون بهموم البشر ومحبة عمل الخير، فأدت وأعطت وقدمت وصنعت، وكل ذلك بلسان حالها القائل إن الفضل لله وحده لا شريك له. لا ضير إن أخذتُكم معي في الوقت وأنا أتحدث عن موضي الحكير، فسجلوا علي أنني أشهد اليوم وحتى ألقى ربي أنها رسمت البسمة بالفعل قبل القول، سجلوا بقلمكم أني أشهد أنني رأيت أيتاما بكت أعينهم حزنا على الرحيل، نفس ذات العيون التي بكت فرحا يوما على لقاء موضي، سجلوا اني رأيت كبارا وصغارا يدعون لها بالرحمة بهمسات الألم ونظرات الحزن، سجلوا أننا وعلى درب الوداع الأخير في بيت الحق باتجاه حياة الخلود كانت ترافقنا الطمأنينة والسكينة إن صاحبة هذا النعش قد ألهمت فينا سريع الخطى تمشي حثثا نحو ما وعدها ربها من جزاء المحسنين. لا عزاء في مثل موضي، بل حب وفرحة وسعادة بأن الله قد هيأ لنا منا من يصنع الخير لأجله ولأجل مرضاته، نعم في رحيل موضي لا عزاء بل باب قدوة جعل لنا لمن شاء منا ان يكون من المحسنين، كانت تصنع الخير واليوم حملها الخير الى دار الحق وجنات الخلود، لا عزاء الا بحمد الله وشكره والثبات ان لا يصيبنا الا ما كتب الله لنا. عذرا أبناء وأخوة موضي وإن كانت عظم الله أجركم مستحقة لكم غير أن هنيئا لكم فرضت نفسها حقا، هنيئا لكم بموضي وهنيئا لنا بكم وبها، وهنيئا لوطننا بلاد الحرمين الشريفين بما حباه الله علينا به من نعم، نعم هنيئا لكم وفخرا واعتزازا، ان كان إكرام الميت دفنه فوالله قد كرمنا جميعا بحضور رحيل موضي ونداء ربها لها أن آن الأوان فتعالي اليوم قد اختارك الرفيق الأعلى، وباب الخير مفتوح لكل من أراد أن يسير على نهج موضي، وليعلم أن موضي لم تكن إلا في ذاتها إنسانة وفي روحها مسلمة وفي وجدانها حب الخير وفي صميم عقلها ابتغاء مرضاة الله تعالى.