أستغفر الله العظيم من أن أجدف أو أنكر أمر الله وقدره، والحمد لله على كل شيء أصابنا أو سيصيبنا، لكني وددت لو أني أتيحت لي الفرصة لاخاطب إبراهيم المالك قبل الرحيل وذهابه إلى لقاء ربه عز وجل لاناشده أن ادعو الله أيها الشيخ بأن يمد في عمرك، فما زالت لنا عندك حاجة بالتعلم والاقتداء، نعم فهذا الرجل من أهل الله المشهود لهم بالطيب والخير والصلاح، وهؤلاء النوعية من البشر لو اقسموا على الله لابرهم واجاب لهم دعاءهم. هذا الجندي المقاتل المحارب من صنف السعوديين الأبطال الذين افنوا العمر كله وهم على عهد الولاء والانتماء، في رحلة المالك دروس وعبر بدأها وهو من أوائل من تعلم الجندية والعسكرية خارج المملكة، هو من القلائل الذين كتب الله لهم نعمة الجهاد في فلسطين ومحاربة الصهاينة على أرض القدس في العام 1948، هو من جيل الفخر والشجاعة الذين لا يملكون سلاحاً إلا تقوى الله وحب أوطانهم والفزعة لاخوانهم، هو من هؤلاء الذين بنوا ولم يهدموا، ضحوا وافنوا وآثروا على انفسهم، هو من الذين التزم برتبة الوطن ولم تغريه تجارة ولا مال، أليس هؤلاء ممن قال فيهم رب العزة: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) سورة آل عمران. فبمثل هؤلاء يستجاب دعاؤهم، فلم استعجلت الرحيل يا إبراهيم؟ أعلم أنك الآن في مستقر نعيم عند رحمن رحيم، أعلم الآن ان ما وعدت به من خير قد تحقق إن شاء الله، أعلم الآن أنك مع الرفاق والأحبة والشهداء والصالحين إن شاء الله، أعلم الآن أنك ستبتسم على انانيتنا في ابقائكم بيننا وتأخيرك عن وعد الله الحق، لكنها المحبة فيك وفيمن هو على نهجك قد سار ويسير، هذا ما جعلني اتمنى لو اني ناشدتك ان لا تستعجل الرحيل. إلى أبنائك اوجه كلامي ان اعذروني فكلي يقين أنكم ناشدتموه البقاء وعدم الاستعجال بالرحيل، فأنتم أحق الناس به وان كنت في حب الله والملك والوطن انازعكم هذا الحق، إلى أولاده أقول ان من يعلم تاريخ إبراهيم المالك فهو أخ لكم وهو على حقكم بالعزاء موجوب، هو عزاء للوطن حين يرحل عنه رجاله الذين بنوه، لكني أعلم أيضاً أنه لم يستمع لكم فاستعجل الرحيل لأنه يعلم ما ينتظره بعد الرحيل ولأنه يعلم أنه راحل عنكم وقد ترك فيكم تقوى الله وحب الوطن والولاء للملك، هكذا هو عاش وهكذا حارب وهكذا رحل. فإلى عدنان ومنصور وبناته وزوجته واهله جميعاً ووطنه، لكم منا الدعاء بالصبر والسلوان ولنا عندكم العزاء في مثل هذه الهامة الوطنية بالفخر والعزة والتقوى، في مثل إبراهيم المالك يكون الحزن قدراً كما هو الرحيل قدراً.