قبل وفاته بأيام هاتفته لأهنئه بحلول شهر رمضان الكريم فكان - ككل من يعرفه - مقاوماً للمرض يسأل عن الحال والأحوال، ولم يدر بخلدي أنه الاتصال الأخير الذي أسمع فيه ذلك الصوت الذي أحبه قلبي وتربع على عرشه واشتاقت عيناي لرؤية صاحبه. خمسة وعشرون عاماً من المرض والألم ولسانه يثني على ربه ويحمده على ما قضى وقدر. العم ناصر بن عبدالله الهبدان لفقدك لوعة، ولفراقك ألمٌ لم أحسّه من قبل. هل ذلك لقرابتك مني أم لأنك الإنسان المختلف بجمال روحك وقلبك المتشرّب للطيبة والكرم وسموّ الخلق وصفاء المعدن. كانت الدمام بالنسبة إلينا مقرونةً به، فهو كالقمر الذي يضيء لنا سماءها، وركنٌ لأسرتنا نفخر به هناك، فإليه نسافر ونأنس بوجوده، وتعلقت قلوبنا جميعاً به، فرحمك الله يا عمي الحبيب. صبيحة الأحد السابع من رمضان لهذا العام كانت مختلفة مملوءة بالحزن والأسى واستحضار الذكريات. ستظل ذكرى زياراتك لنا في مخيلتي دائماً، وستظل ابتسامتك وفرحك بلقاء الأحبة في سجل الذكريات لا يمحوها الزمن فإلى جنة الخلد أبا عبدالله ... كثير من كبار السن الذين عملوا في السابق بشركة أرامكو أو سكة الحديد يعرفونه جيداً، حيث كان يرحمه الله منصت لمن يأت هناك. كلهم يثني ويدعو لك ويذكرك بأجمل ذكرى، فهنيئاً لك هذا القبول وتلك المحبة، ولله شهود في أرضه. قدمت يا عمي على رب كريم، فصلة رحمك ومجلسك العامر ومشقة مرضك لن تذهب سدى بإذن الله، لقد قدمت إلى من رحمته وسعت كل شيء.. توافد أقاربك وأحبابك للعزاء، وجهك المضيء كالقمر ورحيلك في عشر الرحمات، استبشار خير بإذن الله. أحسن الله عزاءك يا والدي في أخيك وحبيبك ورفيق دربك في الكويت، والظهران، ولا تلم عينك فيما ذرفت على غاليها.. وأحسن الله عزاء ابنه وبناته وعزاء كل من عرف ذلك الطاهر ولا أزكي على الله أحداً. حكم المنية في البرية جار ما هذه الدنيا بدار قرارِ جبلت على كدرٍ وأنت تريدها صفواً من الأقذاء والأكدار رحمك الله رحمة واسعة وجمعك مع والديك وزوجتك في أعلى عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً. عبدالعزيز بن إبراهيم العبدالله الهبدان