أكد اقتصاديون أن قرب صدور نظام لمكافحة التستر التجاري، يسهم في تقليص هذه الظاهرة مما يؤدي إلى تحجيمها، مشيرين في نفس الوقت إلى أهمية التعاون المشترك لوضع الأمور في الطريق الصحيح، مُبينين، أن ظاهرة التستر التجاري "آفة خطيرة تطال اقتصاد الوطن". وأكد رئيس غرفة الشرقية عبدالحكيم العمار الخالدي، ل"الرياض" أن ظاهرة التستر آفة خطيرة تطال اقتصاد بلادنا، لكننا جميعاً نقف من أجل مصلحة الوطن والمواطن، الذي من حقه التمتع بخيرات بلاده، والحصول على سلعة أو خدمة عالية الجودة، فضلاً عن حصوله على فرصة وظيفية تؤمن له العيش الكريم في بلاده، وما نراه هو منافسة غير عادلة من قبل عمالة قد تكون مخالفة تحظى بتغطية قانونية من قبل مواطنين، فلا يوجد متستر إلا وراءه مواطن يتستر عليه، فقد يستغل هذا العامل ذلك الغطاء لممارسات شرعية وربما غير شرعية، وتنتج سلعاً أو تقدم خدمة قد لا تتصف بالمواصفات والجودة المطلوبة. وأشاد بالمبادرات التي يقوم بها البرنامج الوطني لمكافحة التستر، التي تثلج الصدر، وتبشر بالخير، كونها خطوات تسير بآليات علمية لمكافحة الظاهرة والحد من آثارها السلبية، إذ تؤكد بعضها على أهمية الروح الوطنية، وتفتح آفاقاً استثمارية، وتعالج الظاهرة من جذورها. ووصف عضو مجلس إدارة غرفة الشرقية، ورئيس اللجنة اللوجيستية بندر الجابري، التستر التجاري بأنه ظاهرة شديدة التعقيد لانتشارها في العديد من القطاعات لاسيما قطاعي تجارة التجزئة والخدمات، ورغم ما انطوى عليه نظام مكافحة التستر الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/22) للعام 1425ه، من مواد مُشدّدة في مواجهة هذه الظاهرة ومعالجتها، مؤكداً أن الجميع يعاني من التستر التجاري، الذي يتطلب مزيدًا من المبادرات والبرامج والأعمال التوعوية بخطورتها في إعاقة النمو الاقتصادي. وقال: إن (البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري) إحدى أهم مبادرات برنامج التحول الوطني 2020م كونه تتشارك فيه جهود عشر جهات حكومية تهدف إلى مكافحة هذه الظاهرة وتمكين المواطنين من الاستثمار في السوق المحلي وفقًا لأُسس التنافسية العادلة، وإننا كقطاع أعمال "نُعلق عليه آمالاً كبيرة في تحقيق الأهداف المرجوة بالقضاء على هذه الظاهرة الضارة بالاقتصاد الوطني". وأشار إلى جهود وزارة التجارة والاستثمار لمواجهة التستر التجاري من خلال سعيها جاهدة إلى إيجاد منظومة متكاملة إجرائياً وتشريعياً للقضاء على هذه الظاهرة وتوعية المواطن بأضرارها الاقتصادية والأمنية والاجتماعية، بالإضافة للحرص على الاطلاع على مرئيات القطاع الخاص والتعرف على متطلباته واحتياجاته لصياغتها في نصوص قابلة للتطبيق. وقال رئيس اللجنة التجارية بغرفة الشرقية هاني العفالق: إن قرب صدور نظام مكافحة التستر التجاري يسهم في تنظيم السوق، بالإضافة للحد من ظاهرة التستر التجاري في مختلف الأنشطة الاقتصادية، مشدداً على ضرورة إتاحة الفرصة للمخالفين عبر تصحيح الأوضاع، خصوصاً أن الكثير خدم الأنشطة الاقتصادية بالمملكة، داعياً لوضع التشريعات اللازمة لتصحيح أوضاع الأنشطة المخالفة ضمن إطار نظامي قانوني، عوضاً من الهجرة الجماعية من العمالة الماهرة، مؤكداً أن تغليظ العقوبات من الأدوات الجيدة، متمنياً أن يتضمن النظام إيجاد حاضنة نظامية لاستيعاب بعض الأنشطة المخالفة سواء من خلال الشراكة مع المستثمر السعودي أو نقل بعض الأنشطة إلى قطاعات ذات الكفاءة، خصوصاً أن الكثير يمتلك خبرات ما زال الوطن بحاجة لها. وذكر، أن تنظيم الأسواق وحظر الأنشطة غير القانونية واجب كل مشرع للأنظمة، لافتاً إلى أن ظاهرة التستر جاءت عبر السنوات الماضية من خلال التراكم، مما يتطلب الترحيل من الموقع الخاطئ إلى الموقع السليم، من دون خسارة النشاط من الدورة الاقتصادية. وقال عضو الجمعية السعودية للاقتصاد د. عبدالله المغلوث: إن إطلاق نظام مكافحة التستر التجاري خطوة فاعلة للقضاء على ظاهرة الاقتصاد الخفي، والتي تؤثر كثيراً في تركيبة وأدوات الاقتصاد بممارسات وأنشطة اقتصادية بطرق غير مشروعة وخارج الإطار الرسمي، وهو ما يخلف تبعات ترهق مكونات الأداء والحراك المُنظم، كما أن هذا الاقتصاد الخفي يسلب حق المواطن في العمل، وله العديد من الآثار الاقتصادية والاجتماعية السلبية. وأضاف، وفقاً لتقارير وزارة التجارة والاستثمار فقد زادت معدلات الكشف عن مخالفات نظام مكافحة التستر خلال السنوات الأربع الماضية بنسبة 412 %، في حين تم إحالة 1195 قضية تستر إلى النيابة العامة خلال العام 1439ه، في حين أحيلت 871 قضية تستر للنيابة العامة في 1438ه، كما أحيلت 450 قضية في العام 1437ه. وقال المحلل الاقتصادي والمصرفي فضل البوعينين: إن التستر التجاري أحد أركان مشكلات الاقتصاد السعودي؛ حيث يستنزف جزءاً مهماً من سيولته التي تحول للخارج ويتسبب في كثير من المشكلات القانونية والمخالفات المؤثرة. وأضاف، رغم جهود الحكومة في محاربته خلال العقد الماضي إلا أن التستر باقٍ ويتمدد؛ ويأخذ أشكالاً وأحجاماً مختلفة، وربما تسهم الإقامة المميزة ونظام التستر الجديد في تجفيف مستنقعه، لافتاً إلى أن مشروع المدفوعات الإلكترونية سيسهم في المعالجة غير أن المراقبة المالية الدقيقة يمكن أن تفعل دور المدفوعات الإلكترونية في الجانب الحمائي، مؤكداً أن التستر جزء مهم من مكونات الاقتصاد الأسود في المملكة، حيث يستأثر بحصة مهمة من موارد الاقتصاد ويتسبب في حرمان خزينة الدولة من إيرادات الرسوم والضرائب عوضاً عن تسببه في تسرب الأموال إلى الخارج والتأثير السلبي على المنشآت الصغيرة والمبادرين السعوديين ومعالجة البطالة. وأشار إلى وجود علاقة بين ملف التستر وغسل الأموال الذي يرتبط بها بروابط وثيقة، وتداخلات معقّدة تحد من إمكانية الفصل بينهما.. منوهاً أن العوائد المتأتية من جرائم التستر وتعاقداتها المالية ما هي إلا ركن أصيل من أركان جريمة غسل الأموال المحرّمة شرعاً وقانوناً.. وأن إحصائيات قضايا غسل الأموال، وأحكام الإدانة، وحجم الأموال المغسولة، والقطاعات المرتبطة بها ما زالت من الأسرار المغيّبة عن الإعلام، لأسباب غير معروفة. وأوضح أن جرائم التستر المنتشرة في القطاع التجاري هي إحدى أهم قنوات تغذية جرائم غسل الأموال محلياً.. حيث إن أكثر من 300 مليار ريال عوائد متوقعة لمنشآت تعمل تحت مظلة التستر، وتبحث عن قنوات رسمية لإضفاء الشرعية عليها.