تهتم الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية "مدن" بتطوير الخدمات البيئية داخل المدن الصناعية، وفق نهج علمي يخضع للتحديث بشكل مستمر طبقاً للمستجدات العالمية في هذا المجال، وهي في هذا الإطار كانت سباقة إلى تأسيس نظام "مدن" للإدارة البيئية (MODON Environmental Management System-MEMS) وذلك في مطلع عام 2013م، بهدف تنفيذ مخططها الرامي لإقامة مدن صناعية خضراء صديقة للبيئة. ويؤكد مدير عام "مدن" المهندس خالد بن محمد السالم، أن مراحل النظام دخلت حيّز التنفيذ مع بداية المرحلة الأولى للمشروع "MEMS-I" الذي تم تنفيذه بشراكة مع شركة "Fujitsu" اليابانية، ذي البرامج الثمانية المختصة برصد جودة الهواء المحيط في المدن الصناعية التالية: "المدينة الصناعية الثانية بالرياض، المدينة الصناعية الأولى بجدة، والمدينة الصناعية الثانية بالدمام". حلّ منتصف العام 2015م، ليشهد النظام تحولاً كبيراً على مستوى التطبيق والشراكات، إذ يوضح المهندس السالم أن المرحلة الثانية أُطلقت برؤية جديدة وشراكة نوعية أخرى مع شركة قطاع البيئة السعودية "Saudi Envirozone" ذات التقنية الفرنسية وبرامجها المتطورة، لتشمل 13 برنامجاً نَفّذت "مدن" 6 منها بشكل مباشر، هي: التوعية البيئية، التصحيح البيئي، التفتيش البيئي، تقييم الطلبات الصناعية بيئياً، التأهيل البيئي، وتقييم المخاطر البيئية، وأشرفت على أداء المقاول في تنفيذ 7 برامج أخرى، هي: رصد جودة الهواء المحيط، اختبارات المداخن، والتدقيق البيئي بنظام ISO 14001، كذلك ضبط الجودة والنوعية، ونمذجة انتشار ملوثات الهواء، وأيضاً أتمتة الأنظمة البيئية باستخدام قواعد بيانات متخصصة، وبناء الكفاءات لمنسوبي "مدن" في المجال البيئي". ووفقاً للسالم، فإن "مدن" تهتم برفع الكفاءة البيئية للمنشآت في المدن الصناعية، وذلك بمساعدتها على تحديد الممارسات الخاطئة، ومن ثم الإجراءات اللازمة لذلك، وفي هذا الإطار استحدثت برنامجاً متخصصاً للتدقيق البيئي وتوسيع نطاق اختبارات المداخن كماً ونوعاً، مضيفاً: "تم تغطية 3 مدن صناعية رئيسة في البرنامج، بإجمالي زيارات شمل أكثر من 400 منشأة صناعية، في حين تم تغطية 8 مدن صناعية من خلال برنامج اختبارات المداخن بإجمالي أكثر من 350 اختباراً". وذكر مدير عام "مدن" أنه لقياس جودة الهواء "رصدنا مستويات الجسيمات العالقة به، بالإضافة إلى الملوثات الغازية، وكان لهذه البيانات الأثر الواضح في تقليل مستويات التلوث المرصودة في المدن الصناعية، كما تم تزويد المنشآت الصناعية بتقارير حيال مستوى الانبعاثات وكيفية تقليلها بمتابعة وإشراف كوادر "مدن" المؤهلة بأفضل الدورات التدريبية الخاصة بمجال البيئة. ولقياس مدى فاعلية الإجراءات المُتخذَة من قبل المصانع لتقليل انبعاثات المداخن، أكد السالم أن "مدن" خصصت برنامجاً لنمذجة انتشار ملوثات الهواء في عدد من المدن الصناعية، تم من خلاله تبيان مدى فاعلية هذه الإجراءات على المستويات القصوى المتوقعة، كما تميَّز "نظام مدن للإدارة البيئية" في مرحلته الثانية بتخصيص برنامج ضبط وتأكيد الجودة والنوعية (QA/QC)، حيث تم تنفيذه من خلال شركة Ricardo AEA البريطانية كطرف محايد (Third party) لمتابعة جودة بيانات برنامج رصد جودة الهواء، علما بأن الشركة تتمتع بمصداقية عالية كونها تملك تاريخاً عريقاً بالاستشارات البيئية على المستوى الدولي منذ إنشائها عام 1915، مبيناً أنه تم تنفيذ 6 زيارات ميدانية لجميع محطات الرصد، والتي تراقب جميع الملوثات البيئية مثل أكاسيد النتروجين و أكاسيد الكبريت وذرات الغبار ومنها على سبيل المثال لا الحصر المدينة الصناعية الأولى بالأحساء، بإجمالي 42 زيارة، جرى خلالها التأكد من اتخاذ جميع الإجراءات والتدابير اللازمة للحصول على بيانات بيئية عالية الجودة، بالإضافة إلى ضمان استدامة عمل محطات الرصد التي تعود ملكيتها ل "مدن". وتوسّعت "مدن" في عمليات رصد جودة الهواء كماً ونوعاً خلال المرحلة الثانية للمشروع، حيث تقوم حالياً بتشغيل 11 محطة رصد جودة هواء، وحسب السالم: "تم زيادة عدد المحطات الثابتة إلى 10 تغطي 10 مدن صناعية، تزوّد "مدن" ببيانات مستمرة وفورية للحالة البيئية، وحالة الأرصاد الجوية في المدن الصناعية، فيما تم تدشين محطة رصد جودة هواء متنقلة لتغطية المدن الواعدة، وتزويدنا بالمعلومات اللازمة لتقييم الوضع البيئي العام للمدينة الصناعية المستهدفة، مما يساهم في التخطيط الأمثل لمستقبل المدينة من خلال أنواع الصناعات التي يتم قبولها وطريقة تقسيم مناطق الصناعات بحسب أنواعها". وتضطلع "مدن" منذ العام 2001م بتطوير الأراضي الصناعية متكاملة الخدمات وفق أعلى المعايير العالمية، وهي تشرف اليوم على 35 مدينة صناعية قائمة وتحت التطوير في مختلف مناطق المملكة بالإضافة إلى إشرافها على المجمعات والمدن الصناعية الخاصة. وقد تجاوزت الأراضي الصناعية المطورة 198,8 مليون م²حتى الآن، وتضم المدن الصناعية القائمة 3,474 مصنعاً مُنتجاً.