أوقفت السلطات الإيطالية ليل الجمعة السبت قبطانة السفينة الإنسانية التابعة لمنظمة سي ووتش غير الحكومية كارولا ريكيت بعدما رست سفينتها عنوةً في ميناء لامبيدوسا ونزل منها 40 مهاجراً غير نظامي كانوا عالقين على متنها منذ 17 يوماً. وندد وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني ب"فعل إجرامي، فعل حرب"، مطالباً بسجن كارولا ريكيت ومتوعداً باحتجاز السفينة، وفرض غرامة قصوى على المنظمة غير الحكومية. والأربعاء كسرت ريكيت الحظر في المياه الإقليمية الإيطالية الذي يفرضه وزير الداخلية الإيطالي، غير أنّ السفينة أجبِرت على التوقف على مسافة ميل واحد قبالة ميناء لامبيدوسا، وظلت عالقة هناك حتى ليل الجمعة السبت. وبعد 60 ساعة "مشحونة للغاية" عاشها المهاجرون بحسب ريكيت، قررت القبطانة كسر الحصار والرسو ليلا. ونزل المهاجرون من السفينة قرابة الساعة 05,30 بالتوقيت المحلي (03,30 ت غ) وعددهم 40. وكانوا بالأصل 53، جرى إنقاذهم في المياه الدولية قبالة السواحل الليبية. غير أنّ 13 منهم كانوا قد نقلوا إلى لامبيدوسا في وقت سابق لأسباب صحية، بينما ظلّ الغموض مخيّماً على مصير ال40 الباقين. واقتاد عناصر الأمن القبطانة غير مكبّلة. وتواجه ريكيت التي وضعت قيد الإقامة الجبرية عقوبة الحبس لعشر سنوات بحسب الصحافة الإيطالية. وتجمّع على رصيف الميناء أبناء المنطقة ونشطاء حقوقيون. وقد رحّب بعضهم برسو السفينة فيما رحّب البعض الآخر بتوقيف القبطانة هاتفين "+الأصفاد!" و"عار" و"ارحلي" وأيضا "آمل أن يغتصبك هؤلاء الزنوج". ونقلت وسائل أعلام إيطالية عن مصادر في الشرطة أن ريكيت كانت هادئة خلال توقيفها واعتذرت عن تعريضها سلامة زورق وركابه خلال رسوّها في الميناء. وبعد توقيفها لساعات في مركز للشرطة وضعت ريكيت قيد الإقامة الجبرية. وصرّح محاميها لياندرو مارينو للصحافيين أن موكّلته "متعبة ومتوترة" وسيتم الاستماع إليها في غضون 48 ساعة. وقال مدعي عام اغريجنتي (صقلية) لويجي باتروناجيو إنّ "الأسباب الإنسانية لا تبرر أفعال عنف غير مسموح بها ضدّ من يرتدون البدلات الرسمية في البحر لتأمين سلامة الجميع". من جانبه، علّق رئيس الوزراء الايطالي جوزيبي كونتي، من قمة مجموعة العشرين التي يشارك فيها في أوساكا، "لا أريد أن أحل مكان السلطة القضائية (...) ولكن القوانين موجودة، شئنا ذلك أم أبَينا". * سيتوزّعون على خمس دول - وكتب رئيس المنظمة الألمانية غير الحكومية يوهانيس باير على وسائل التواصل الاجتماعي "نحن فخورون بقبطانتنا"، مضيفا "لقد فعلت بالتحديد ما كان يجب فعله، تمسّكت بقانون البحار وأوصلت الأشخاص إلى بر آمن". وسمح للمهاجرين الأربعين بالنزول من السفينة فجرا وكان بعضهم يبتسم والبعض الآخر يبكي وتم نقلهم إلى مركز استقبال في الجزيرة. وبعد محادثات دبلوماسية مكثّفة تم الاتفاق على توزيعهم على خمس دول أوروبية هي فرنسا وألمانيا والبرتغال ولوكسمبورغ وفنلندا. وبعيد ذلك نقل خفر السواحل السفينة بمراقبة الشرطة للرسو في عرض البحر حرصا على حسن سير العمل في الميناء الصغير. وكان عدد من النواب اليساريين قد خيّم منذ الخميس على متن السفينة، بينهم غراسيانو ديلريو وهو الوزير الإيطالي المشرف على المرافئ وخفر السواحل بين 2015 و2018. وقال ديلريو إن "معاناة هؤلاء الأشخاص قد انتهت"، مشبّها تصرّف القبطانة بسيارة إسعاف كسرت ضوءا أحمر لإنقاذ حياة مصاب. والسبت أعلنت وزارة الداخلية الفرنسية أن فرنسا مستعدة لاستقبال عشرة منهم. وأكدت الداخلية الفرنسية في بيان أن "فرنسا مستعدة لأن ترسل مجددا في الأيام القليلة المقبلة، وعلى غرار ما فعلت مرارا على مدى عام، بعثة من وزارة الداخلية ومن مكتب حماية اللاجئين وعديمي الجنسية في الأيام المقبلة لتحديد عشرة أشخاص يحتاجون الى حماية يمكن أن يتم نقلهم من دون تأخير إلى أراضينا". واعتبر وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير أن سياسة إيطاليا بإغلاق موانئها تخالف القانون البحري. ومساء السبت طالب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس ب"إيضاحات سريعة" للاتهامات التي تواجهها ريكيت. كذلك ندد رئيس الكنسية البروتستانتية هاينريش بدفورد-شتروم بتوقيف ريكيت واصفا الأمر بأنه "عار على أوروبا"، فيما أكد زعيم حزب الخضر روبرت هابيك أن "الفضيحة" الحقيقية هي غرق المهاجرين في مياه المتوسط وعدم إعطائهم أي خيارات بديلة. ودعا وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسلبورن إلى إطلاق سراح ريكيت قائلا إن "إنقاذ الأرواح هو واجب ولا يمكن أن يكون جريمة". ورد سالفيني بأن "إيطاليا لا تقبل دروسا من أحد"، مشددا على أن المهاجرين الذين كانوا على متن "سي ووتش" تم إنقاذهم في منطقة عمليات خفر السواحل الليبيين من قبل سفينة تابعة لمنظمة ألمانية غير حكومية ترفع علم هولندا، ولا مكان لهم في إيطاليا. وحذّر سالفيني المنظمات غير الحكومية الأخرى العاملة في مجال إنقاذ المهاجرين من أنّها لن تستطيع بعد الآن إنزال أحد عند الشواطئ الإيطالية، ملمحاً بذلك إلى سفينتي "أوبن آرمز" التابعة لمنظمة "برواكتيفا اوبن ارمز" الإسبانية و"آلان الكردي" التابعة لمنظمة "سي آي" الألمانية. وبينما تتجه السفينتان حالياً نحو منطقة الإنقاذ قبالة السواحل الليبية، يطالب سالفيني بترك مهمة إنقاذ المهاجرين لخفر السواحل الليبيين. وأصرّ السبت على أنّ "الهدف إعادة الجميع إلى القارة الافريقية"، رغم أنّ زميله وزير الخارجية انزو موافيرو كان اعتبر الجمعة أنّ سلامة المهاجرين الذين تتم إعادتهم إلى ليبيا غير مضمونة.