أدلى عدد كبير من سكان إسطنبول بأصواتهم أمس الأحد في إعادة انتخابات رئاسة البلدية التي باتت استفتاء على سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان واختباراً للديمقراطية المتعثرة في تركيا. وفي الانتخابات التي أجريت في 31 مارس، حقق حزب الشعب الجمهوري المعارض انتصاراً بفارق ضئيل على حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان في أكبر مدينة بتركيا في هزيمة انتخابية نادرة للرئيس في خضم مشكلات اقتصادية وسياسية متزايدة. لكن بعد أسابيع من طعون حزب العدالة والتنمية، ألغى المجلس الأعلى للانتخابات في تركيا في مايو الانتخابات بسبب مخالفات على حد زعمهم. ووصفت المعارضة القرار بأنه "انقلاب" على الديمقراطية، الأمر الذي أثار المخاطر للجولة الثانية. وكرر أردوغان اعتقاده أن "من يفوز باسطنبول يفوز بتركيا". وستمثل خسارة المدينة مرة ثانية حرجاً لأردوغان وقد تُضعف ما بدا حتى وقت قريب أنها قبضته الحديدية على السلطة. وشغل أردوغان نفسه منصب رئيس بلدية اسطنبول في التسعينيات. ويعاني الاقتصاد التركي من حالة ركود وهددت الولاياتالمتحدة، بفرض عقوبات إذا مضى أردوغان في شراء منظومة دفاع صاروخي روسية. وقد تلقي خسارة ثانية لحزب العدالة والتنمية مزيداً من الضوء على ما وصفه مرشح حزب الشعب الجمهوري لرئاسة البلدية أكرم إمام أوغلو بأنه تبديد لمليارات الليرات في بلدية اسطنبول التي تبلغ ميزانيتها حوالي أربعة مليارات دولار. وقال صحافي لروينز طلب عدم نشر اسمه: "إذا فاز إمام أوغلو مرة أخرى، فستكون هناك سلسلة من التغييرات الخطيرة في السياسة التركية". وتابع، "سيتم تفسير ذلك على أنه بداية تراجع لحزب العدالة والتنمية ولأردوغان أيضاً"، مشيراً إلى أن الرئيس نفسه وصف الانتخابات بأنها مسألة بقاء". وأضاف، فوزاً ثانياً لإمام أوغلو قد يؤدي في نهاية المطاف إلى إجراء انتخابات عامة قبل عام 2023 كما هو مقرر وتعديل وزاري وربما حتى تعديل في السياسة الخارجية. ولتقليل الفارق الذي بلغ 13 ألف صوت في مارس، أعاد حزب العدالة والتنمية توجيه رسالته لجذب الناخبين الأكراد، الذين يشكلون حوالي 15 % من ناخبي إسطنبول البالغ عددهم 10.5 ملايين ناخب. وشهدت الحملة الانتخابية تحولاً عندما حث الزعيم الكردي المسجون عبدالله أوجلان حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد على البقاء محايداً في الانتخابات. واتهم حزب الشعوب الديمقراطي، الذي يدعم إمام أوغلو، أردوغان بمحاولة تقسيم الأكراد. وبعد أن خاض أردوغان حملة انتخابية شرسة قبل انتخابات مارس، في استراتيجية يعتقد كثيرون من أعضاء حزب العدالة والتنمية أنها جاءت بنتائج عكسية، ظل أردوغان في البداية هادئاً هذا الشهر. لكنه عاد الأسبوع الماضي إلى حملته بقوة واستهدف إمام أوغلو مباشرة وهدده باتخاذ إجراء قانوني ضده، مما أثار تساؤلات بشأن ما إذا كان حزب العدالة والتنمية سيقبل بهزيمة ثانية. وأظهرت استطلاعات الرأي تقدم إمام أوغلو على منافسه من حزب العدالة والتنمية رئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم. وأشارت بعض الاستطلاعات إلى أنه متقدم بما يصل إلى تسع نقاط مئوية. وأثار قرار إعادة الانتخابات انتقادات دولية واتهامات من المعارضة بتآكل سيادة القانون. وخرج سكان في عدد من المناطق إلى الشوارع وهم يقرعون الأواني احتجاجاً على ذلك. وقال بعض الناخبين لرويترز إن فوز حزب العدالة والتنمية قد يؤدي إلى احتجاجات أكبر.