التربية مهمة مقدسة، فيها صعوبة وتحديات، ولذلك كُتِبَت فيها آلاف الكتب، ومنها كتاب "الطفل المتفائل" الذي يكتسب أهميته من مؤلفه مارتن سيليغمان، عالم نفسي شهير وله نظريات ذات تأثير، ومن مؤلفاته الكتاب المذكور الذي يفصّل زرع مبادئ عقلية في الأطفال تقيهم الاكتئاب والاضطرابات النفسية التي عصفت بنا اليوم. الكتاب كبير ولا يمكن تلخيصه في كلمات قصيرة، لكن أعجبني فيه جزئية مهمة عن التفاؤل والتي يعرّفها سيليغمان أنها طريقة التفكير عن الأسباب، أسباب الأشياء التي تحصل، سواء مكروهة أو طيبة. وهذه مهمة هنا لأن طريقة التفكير هذه تظهر في الطفولة لكن لها تداعيات تستمر مدى الحياة. يقول سيليغمان إن هناك ثلاثة أشياء يعتمد عليها طفلك لتفسير الأحداث السيئة والحسنة: (1) الاستمرارية: الأطفال الأكثر عرضة للاكتئاب هم من يعتقدون أن أسباب الأحداث السيئة مستمرة ودائمة، بينما الطفل الذي يرى السبب عارضاً أقدر على مقاومته. بدلاً من: صديقي يكرهني ولن يرغب أن يكون صديقي أبداً، اجعل الطفل يفكر: "صديقي غاضب ولا يرغب أن نكون معاً اليوم". بدلاً من: أمي أشد أم عصبية في العالم، دعي الطفلة تفكر: "أمي في مزاج غاضب الآن". هذا للأحداث السيئة، أما الأحداث الحسنة فتكون مستمرة، بدلاً من: لم أفز في المسابقة إلا لأنني تدربت كثيراً، اجعلها: "فزت لأنني مجتهد وأدرس كثيراً"، خصال دائمة وليست شيئاً مؤقتاً. (2) العمومية: الطفل الإيجابي يفسر المواقف المحزنة أنها خاصة وليست عامة. بدلاً من: المدرسون غير عادلين! اجعله يفكر: "الأستاذ الفلاني غير عادل". بدلاً من: أنا ضعيف في الرياضة، اجعلها: "أنا ضعيف في كرة الطائرة". أما الحسنة فعامة، فبدلاً من: أنا متفوق في الرياضيات، اجعله يفكر: "أنا متفوق". (3) الشخصنة: إذا لام نفسه دائماً فهذا يؤدي لقلة الثقة ومن ثم الاكتئاب. دعه يتحمل مسؤولية الحدث بشكل معقول، واجعل لوم النفس هذا سلوكياً وليس شخصياً. بدلاً من: حصلت على تقدير منخفض لأني غبي، اجعلها: "لأنني لم أذاكر" (سلوك). بدلاً من: عاقبني أهلي لأني شقي، تكون: "لأني ضربت أختي". وهكذا. اجعله يرى السلبيات عارضة، محددة، يمكن تغييرها.