تعيش منطقتنا لحظات غير عادية شهدت تسارع وتيرة التصعيد الأميركي ضد ملالي طهران، فمنذ صعود السيد ترمب لسدة الحكم الأميركي تهاوت الاتفاقية النووية الهشة مع إيران بجميع بنودها المجحفة بحق بقية دول المنطقة، بعد أن تمكن معممو طهران بمساعدة بعض الدول الغربية من خداع العالم بتلونهم ورسائلهم المتناقضة، التي قاد تلميعها الرئيس الأميركي السابق أوباما وحكومته تحت مسمى مشروع الشرق الأوسط الجديد، وتوفيره المظلة الدولية اللازمة لحماية هذه الاتفاقية المجحفة بحق العديد من الدول المجاورة، وتوفيره للغطاء السياسي للاعتداءات الإيرانية على الشعوب العربية، وتقديمه إيران كشريك سلام يخدم استقرار المنطقة وازدهارها، بينما في واقع الحال ما هي إلا شيطان أشر يعبث بأمن المنطقة والعالم من خلال نشر الإرهاب وتمويل فصائل وخلايا الموت والدمار وفرق الاغتيالات في المدن المشتعلة، وتأجيج الحروب تحت أنظار العالم الذي اتخذ موقف المتفرج حيال هذا العبث الدموي، مما شجع إيران على التمادي بنشر الإرهاب والدمار والفوضى. لهذا حرصت إيران على خلق عدو خارجي أمام شعبها لتبرير فشلها في تحقيق وعودها بامتلاك القوة النووية، بعد أن بددت وأهدرت أموال الإيرانيين على إرهابها وحرمتهم من مقدرات بلادهم وخيراتها، وانتزعت منهم حياتهم الكريمة تحت ذريعة تحقيق هذا الإنجاز، ليدخل الشعب المغلوب على أمره مع هذه الأطماع الثورية في نفق الفقر والجهل والمخدرات والضياع لسنوات طويلة ما زالت آثار معاناتها ظاهرة على الشعب الإيراني، فأطماع هذا النظام المتمرد قد بلغت به لممارسة أبشع جرائمه الإنسانية مسخراً أدواته الطائفية لارتكاب مجازر الدم دون الأخذ بعين الاعتبار أن لطغيانهم مدة صلاحية قاربت على الانتهاء. لقد لف معممو طهران بأفعالهم المشينة والمتهورة حبال المشانق حول رقابهم، فها هو ترمب يحرك أحد أضخم سفن العالم الحربية، حاملة الطائرات أبراهام لينكون والقطع البحرية المرافقة لها نحو المنطقة، لتلحق بها القاذفات الاستراتيجية بقوتها التدميرية التقليدية والنووية لتحط في قاعدة العديد على الأراضي القطرية الحليف "الشريف" لإيران، في رسالة بالغة الأهمية لمعممي طهران، تبين فيها مدى جدية أميركا في إجبار إيران للجلوس على طاولة المفاوضات، وإعادة صياغة بنود الاتفاقية النووية بشروط جديدة تضمن أمن المنطقة وتوقف أي سباق تسلح نووي محتمل يخل بموازين القوى في المنطقة، كما أنها لن تتوقف عند الاتفاقية بل ستتجاوزها إلى وقف عبث الحرس الثوري والميليشيات والأحزاب الطائفية، وتحطيم أصنام الملالي التي شيدوها خلال السنوات الماضية في سورية والعراق ولبنان واليمن، لهذا على إيران أن تأخذ هذه التهديدات على محمل الجد وأن تغير من سلوكها العدواني وأن تنكفئ على نفسها، فلا أحد ينشد الحرب ولا يطرب لطبولها لكن الجميع مستعد لها.