أصبح العالم الافتراضي ومواقع التواصل الاجتماعي جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية حيث يقصدها الشخص للتعرف على أحدث الأخبار والمستجدات والموضوعات ذات الأهمية، ومع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وازدياد أعداد المستخدمين لها من كل المجالات، بدأت ظاهرة الحسابات الوهمية أو ما يسمى: بالذباب الإلكتروني بالانتشار.. والذباب الإلكتروني مصطلح يطلق على مجموعة من الحسابات الوهمية التي يتم توجيهها للحديث في موضوع ما بغرض معين. تعتمد طريقة عملها على تجييش عدد كبير من الحسابات وتوجيهها للمشاركة في موضوعات معينة والسيطرة على الوسوم (الهاشتاقات) الأعلى تفاعلا في مواقع التواصل بشكل آلي. يتم إنشاء هذه الحسابات إما عن طريق إنشاء مجموعة جديدة من الحسابات الوهمية والتغريد بهم بشكل آلي على الوسم ذاته خلال فترة زمنية قصيرة، أو بشراء مجموعة من الحسابات من السوق السوداء الإلكتروني يكون تم اختراقها سابقا ويتم استعمالها. هذه الطريقة تعتبر أصعب في الاكتشاف لأن أغلب الطرق التي تستعمل للكشف عن الحسابات الوهمية تعتمد على تحليل محتوى الحساب، فتكون لهذه الحسابات محتوى خاص بصاحب الحساب الأصلي وأعداد من المتابعين فتكون مواصفات الحساب مشابهة لصفات أي حساب شخصي شرعي مما يجعل الكشف عنه أكثر صعوبة. لهذه الحسابات الوهمية العديد من الأهداف بعضها اقتصادي كاستخدامها لشن حرب اقتصادية ضد شركة معينة واستهدافها بحملات منظمة لتشويه سمعة الشركة أو أحد منتجاتها لحساب شركة أخرى منافسة، أو أهداف اجتماعية أو سياسية. فمثلا قد تقوم بنشر الشائعات والفتن وتزييف بعض الحقائق لإثارة البلبلة وتضليل الرأي العام للمجتمع.. أو تستعمل للترويج لأجندة شخص أو جهة معينة بحيث تبدو أكثر انتشارا مما هي عليه بالفعل.. فمثلا تقوم بعض المجموعات الإرهابية بتوظيف هذه الجيوش الإلكترونية بهدف نشر فكرها المتطرف للإيحاء بأن هناك أعدادا كبيرة داعمة لهذا الفكر مما يوثر على الرأي العام ويسوق الشباب للانجراف والالتحاق بهم، أو أهداف سياسية كالتلاعب بالرأي العام في أوقات الانتخابات والاستفتاءات العامة كما حدث مؤخرا في الانتخابات الأميركية وفي استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي في بريطانيا حيث أثبتت الأبحاث مدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي وحملات الحسابات الوهمية على توجيه الآراء الشخصية والقرارات العامة. قد يكون من أسباب بداية انتشار الظاهرة عدم اهتمام مواقع التواصل الاجتماعي بالحد منها حيث إن قيمة الشركة السوقية ترتبط بشكل كبير بأعداد المستخدمين لها، ولكن بعد الكشف عن أخطار هذه الظاهرة بدأت مؤخرا شركات التواصل الاجتماعي وبضغط من المجتمع الدولي، بالتحري والكشف عن أعداد كبيرة من الحسابات الوهمية في مواقعها، على سبيل المثال أعلنت شركة فيسبوك أن نحو 2 إلى 3 % (نحو 60 مليون حساب)، من الحسابات الفعالة على شبكتها هي حسابات وهمية وبالمقابل قامت شبكة تويتر بحجب ما يبلغ 70 مليون حساب وهمي خلال العام 2018. إذا كيف يمكننا الحد من هذه الظاهرة بشكل فعال؟ يجب أن يكون هناك جهد تعاوني وتكاتف بين شركات التواصل الاجتماعي والباحثين المختصين في مجال التكنولوجيا والأمن السيبراني وصناع القرار والمنظمات المسنة للقوانين للحد من تأثيرها وسن قوانين لتجريمها، وتطوير نظم قادرة على الكشف عنها، مع توعية للمستخدم العام عن هذه الأخطار وعدم التفاعل معها وكيفية التمييز بين محتوى نشر عن طريق حساب وهمي من غيره. * باحثة في الأمن السيبراني - جامعة أوكسفورد