عَقِبَ إنشاء مُنظمة أوبك في بداية العام 1965 (قبل 54 سنة) كان إنتاج البترول في الدول الخمس المؤسسة لمنظمة أوبك مُرتبة من الدولة الأكبر إنتاجاً للبترول إلى الدولة الأصغر إنتاجاً للبترول كالتالي: فنزويلا 3.5 ملايين برميل في اليوم، الكويت 2.37 مليون برميل، المملكة 2.21 مليون برميل، إيران 1.91 مليون برميل، العراق 1.31 مليون برميل. لكن بعد اثنين وخمسين سنة في بداية العام 2018 أصبح الترتيب الجديد كالتالي: المملكة 11.95 مليون برميل، إيران 4.98 ملايين برميل، العراق 4.52 ملايين برميل، الكويت 3.02 ملايين برميل، وأخيراً فنزويلا 2.11 مليون برميل. (المصدر: إحصائية BP-2018). موضوع مقالنا لهذا اليوم هو البحث عن السبب أو الأسباب التي أدّت إلى تحول فنزويلا من أكبر دولة منتجة للبترول في منظمة أوبك إلى دولة من أصغر الدول المنتجة للبترول في منظمة أوبك رغم أنه -وفقاً لجميع الإحصائيات الرسمية- فإن فنزويلا تملك أكبر احتياطي للبترول في العالم يبلغ 303 مليارات برميل في بداية العام 2018. ومؤخراً أدت العقوبات التي فرضتها أميركا على فنزويلا إلى انخفاض إنتاج البترول الفنزويلي في هذا الشهر مايو -وفقاً لمعظم التقديرات- إلى حوالي 0.87 مليون برميل في اليوم. والذي يزيد من أزمة فنزويلا المالية أن حوالي نصف إيراداتها من تصدير البترول يذهب لتسديد قروضها من روسيا والصين (المصدر: EIA). يبقى السؤال المُحير الذي يسأله الجميع لماذا لا يتناسب إنتاج فنزويلا للبترول مع الاحتياطي الضخم الذي تملكه فنزويلا -كأكبر احتياطي للبترول- في العالم؟ الجواب على هذا السؤال: لا يوجد سبب واحد بل مجموعة أسباب متشابكة. تبدأ من الموقع الجغرافي الاستراتيجي لفنزويلا على مخارج خليج المكسيك (المركز الحيوي لحركة البترول الأميركي). وهذا يجعل أميركا تراقب -عن كثب- بحذر وتوجس موقف فنزويلا السياسي التقليدي في صف المعسكر الشرقي (روسيا والصين). وتعتبر فنزويلا بالتضامن مع كوبا بمثابة الخنجر في يد المعسكر الشرقي يُسَلّطه إلى خاصرة أميركا. ورغم أن موقف فنزويلا في صف المعسكر الشرقي قد يشدد الضغط الأميركي على فنزويلا ويجعلها تضع القيود والعقوبات باستمرار على فنزويلا. لكن هذا ليس هو السبب الرئيس لتدهور الاقتصاد الفنزويلي وانخفاض إنتاج البترول في فنزويلا. بل قد يرجع السبب -ضمن أسباب داخلية أخرى- إلى الطبيعة الثورية الدكتاتورية للسلطات المتعاقبة على الحكم في فنزويلا. وميولهم الاشتراكية المُرتابة والمعادية لشركات البترول الرأسمالية الغربية العاملة في فنزويلا. مما يُعيق الاستثمار وجذب رؤوس الأموال والتكنولوجيا الغربية. ناهيك -وهو فعلاً سبب مُهِم- أن معظم الاحتياطي للبترول الفنزويلي هو من البترول غير التقليدي عالي التكاليف والثقيل جداً يحتاج لخلطه بأنواع أخرى من البترول.