كلنا يدرك أن الاهتمام بالأسرة وأفرادها وتأهليهم للدخول في سوق العمل والعناية بهم والأخذ بأيديهم إلى الطريق الصحيح أمر ضروري، وقد ترجمت عدد من الجمعيات الخيرية هذا الكلام الذي نردده كثيراً إلى واقع عملي عندما أطلقت منذ سنوات برامج خاصة لتدريب الشباب والشابات وإكسابهم مهارات تعليمية وتأهيلية عملياً وعلمياً لسوق العمل. وكشف تاريخ تطور العمل الخيري بالمملكة ديناميكية فريدة من نوعها سارت معها العديد من العوامل بشكل متوازٍ لبلورة حالة حضارة إنسانية، من ضمنها الثقافة المجتمعية وما لحقها من تحولات نتيجة الطفرة النفطية، ووعي القيادة الرشيدة، إضافة لبرامج "عصرنة" القطاع تشريعياً وتقنياً فالمجتمع التكافلي بفطرته كباقي المجتمعات الخليجية والإسلامية عرف أشكالاً من العادات والسلوكيات ذات الطابع الخيري، منذ البدايات حيث كانت أُسره الممتدة التي كانت تشكل أساس المجتمع التقليدي، تتعاون في أعمال البر والخير وتبادل المساعدات الاجتماعية، ومؤازرة بعضها بعضاً في المناسبات المختلفة، بشكل يبرز التراحم الاجتماعي والتكافل فيما بينها. مواكبة الرؤية وقال الأمين العام لجمعية البر بالرياض د. ثامر بن غشيان: إن جمعية البر بالرياض تسعى إلى مواكبة الرؤية الوطنية، وحرصا منها على الانتقال بالأسر المسجلة بالجمعية والتحول من برامج الرعوية إلى التنموية فقد تم التعاون والاتفاق مع أكثر من 11 معهدا وجهة تعمل في مجال التدريب المنتهي بالتوظيف لتدريب وتأهيل أبناء وفتيات الأسر المستفيدة من الجمعية في عدد من المجالات ومنها الحاسب الآلى وصيانة الجوال واللغة الإنجليزية والمبيعات وكذلك إدارة الموارد البشرية. وأكد ابن غشيان أن برنامج التدريب والتأهيل يأتي ضمن الخطة الاستراتيجية للجمعية بهدف الانتقال بالأسر المستفيدة المسجلة لديها من الاحتياج إلى الإنتاج، مشيراً إلى أن مثل هذه الشراكات بين القطاع الخيري والخاص تعزز دور المسؤولية الاجتماعية وتساهم في تنمية المجتمع، مضيفا أن الجمعية بفضل الله ثم بالدعم والتوجيه من رئيس مجلس إدارتها صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة الرياض وسمو نائبه حققت العديد من النجاحات في مجال العمل الخيري وتقدم العديد من البرامج والمشروعات الخيرية في شهر رمضان الكريم وطوال العام. شراكات مميزة من جهتها قالت مساعد المدير التنفيذي للشراكات بجمعية "أعمال" غادة الفياض: إن جمعية أعمال لديها شراكات عدة كان آخرها شراكة مميزة مع مبادرة العراقة للتدريب الخيري لتقديم دورات مؤهلة لسوق العمل، ومن منطلق الاهتمام العظيم الذي يهدف له الطرفان في التطوير والتحسين والاستثمار الأمثل في مستفيدي الجمعية وسعياً لتقديم الأفضل لهم تماشياً مع رؤية المملكة 2030. وأشارت الفياض إلى أن الدور الذي تقوم به الجمعية لعقد مثل هذه الشراكة في مجال التدريب جاء من حرص الطرفين على تحقيق الاستدامة المالية للمستفيدين من خلال التكثيف من البرامج الهادفة التي تتيح لهم فرص عمل واسعة وتساهم في الحد من البطالة والاستفادة من كافة الموارد البشرية ورفع مستوى الوعي لدى شريحة الشباب بالأهمية الاقتصادية للأعمال المهنية والفنية ودورها في خلق فرص عمل أكبر عن طريق تخصيص موارد أقل مقارنة بمتطلبات الصناعات الأخرى وقابليتها للاستيعاب وتشغيل أعداد كبيرة من القوى العاملة بمؤهلات تعليمية متدنية. وأكدت أن جمعية أعمال تثمن هذه المبادرة التي تبنتها مبادرة عراقة المشروعات لدعم شباب وفتيات الوطن، ورغبتها في تقديم كل ما يصب في صالح المجتمع وأبنائه وما يعود بالخير على الوطن وشعبه، مبينة أن للمملكة دورا بارزا في العمل الخيري المميز من خلال دعم كافة سبل الخير ما جعلها تتبوأ المراكز الأولى في البلاد الإسلامية الداعمة في هذا المجال، حيث تلعب دوراً كبيراً ممثلة في قيادتها ومؤسساتها محققة مسيرة حافلة بالإنجازات الخيرية والتنموية والإنسانية من خلال دورها الريادي وأهميته في مجال العمل الخيري. شريك النجاح وقالت الفياض: إنه من منطلق رؤية المملكة في توفير فرص العمل ورفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل، وزيادة الناتج المحلي، فإن الجمعيات الخيرية والتنموية تقف أمام عمل عظيم يتطلب تأهيل مستفيديها لإطلاقهم لسوق العمل بعد تقديم التدريب اللازم لها سواء في المجالات العامة أو التخصصية، موضحة أن جمعية أعمال تسعى لتحقيق تطلعات الحكومة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين -حفظهما الله-من خلال تجسيد رؤية 2030 للانتقال إلى التنمية ولتطوير مستوى الفرد في المجتمع. وأكدت أن نقل مستفيدي الجمعية من الحاجة إلى الكفاف والغنى وتمكينهم في سوق العمل، إضافة إلى إكساب مستفيدي الجمعية المهارات والمعارف من خلال الدورات التدريبية والتطويرية التي تقام لهم، لافتة في الوقت نفسه إلى أن الجمعيات التنموية تقف عاجزة عن تقديم أعلى المستويات في التدريب لقلة الدعم المقدم في هذا المجال وعليه ندعو جميع الجهات والقطاعات ذات المسؤولية المجتمعية لتقديم وتخصيص دعم كافٍ للتدريب العام والمتخصص لتكون شريكَ نجاح في الاستثمار الأمثل بشباب الوطن وتحقيق أعلى المستويات في تقديم الخدمات وتلبية رغبات المجتمع والسوق المتطورة. رواد الأعمال وأشارت إلى أن جمعية أعمال تستهدف خلال فترة رمضان والذي يعد أحد المواسم التي يتم فيها التسويق لمنتجات رواد الأعمال "الأسر المنتجة" بشكل كبير حيث يكثر الإقبال على جميع الأصناف من الأطعمة، بالإضافة للملبوسات الخاصة برمضان أو العيد وكذلك التوزيعات الخاصة، مضيفة أن جمعية أعمال ستشارك في معرض فوانيس ومعرض الاتصالات السعودية. وقالت الفياض: إن جمعية أعمال ستطلق عددا من البرامج المتخصصة للطلبة للاستفادة من أوقاتهم كذلك توجيه خريجي الثانوي والجامعة لأهم الفرص المتاحة في سوق العمل خلال فترة الإجازة الصيفية، وأكدت أن الجمعية تتوجه لفتح مسارات تدريبية لخريجي الثانوي وفق عدة تخصصات تفيد الطلبة في المرحلة الجامعية. وأوضحت أن الجمعية ستطرح عددا من الفرص الوظيفية من خلال برنامج التدريب المنتهي بالتوظيف (إجادة) بالشراكة مع الجهات التدريبية والتوظيفية وتشارك الجمعية في عدد من معارض التوظيف لاستقطاب الشباب المؤهل لسوق العمل. تعاون حكومي من جهة أخرى قال المدير التنفيذي لجمعية "لأجلهم" فيصل العقلا: إن دور المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد دور ريادي بالعمل الخيري سواء داخل المملكة أو خارجها وعلى مر الأعوام ومنذ توحيد هذه البلاد وهي قائد العالم الإسلامي بالعمل الخيري وأيضاً بالعالم أجمع، لم تكن هناك كارثة أو حاجة لدول كثيرة إلا وكانت المملكة سباقة بتقديم العون والمساعدة للدول المنكوبة والمحتاجة وهذا لا تنكره أي دولة من دول العالم وخصوصاً العالم العربي والإسلامي فما بالك بالعمل الخيري على مستوى المملكة، فنحن متقدمون على دول عالمية في العمل الخيري وتقديم المساعدات سواء التصنيف أو بتقديم العون لمن يحتاجه. وأشار العقلا إلى أنه من ناحية الشراكات فهناك تعاون حكومي ودعم لا محدود على المستوى المادي والمعنوي للعمل معا وتقديم العون والمساعدة لكل محتاج، أما من ناحية القطاع الخاص فهو شريك ومساهم بالعمل الخيري وهناك نسبة يقدمها القطاع الخاص من أرباحه للجمعيات وللعمل الخيري. وطالب بتجاوز العوائق التي تواجه الجمعيات الخيرية والتعاون يتم مع جميع القطاعات لتذليل هذه العقبات بما يعود بالنفع على الجميع، مبيناً أن هناك الكثير من البرامج لأصحاب الهمم وبرامج لمساعدتهم على ما يحتاجونه لإكمال مسيرتهم بالحياة، وجمعية لأجلهم تعمل جاهدة بالتكاتف والتعاون مع أعضاء مجلس الإدارة وعلى رأسهم رئيس مجلس الإدارة الأميرة نوف بنت عبدالرحمن آل سعود، لمساعدة كل من يحتاج المساعدة بما تقدمه الجمعية من أهداف وضعت لتمكين أصحاب الهمم من الاندماج والعمل مع المجتمع بممارسة ما يحتاجونه بكل يسر وسهولة. وبين أن جمعية لأجلهم تعني بجميع أنواع الإعاقة العقلية والجسدية والبصرية وليست مقتصرة على فئة معينة فنحن نقدم التدريب والتأهيل لدخولهم لسوق العمل كما نقوم بمساعدتهم على التوظيف والعلاج وكل ما من شأنه أن يساعدهم ليكونوا فئة عاملة منتجة بالمجتمع. وأوضح أن الجمعية وقعت اتفاقيات للتدريب مع عدة قطاعات لتدريب أصحاب الهمم ومنها مبادرة عراقة المشروعات لتوفير 25 كرسي تدريبي للجمعية، وتوقيع أيضاً اتفاقيات للعلاج والتعاون مع شركات ومصانع للتوظيف، مؤكداً أن الجمعية لديها استراتيجية لتوظيف العاملين بالجمعية من أصحاب الهمم ليشرفوا ويساعدوا بالعمل على مساعدة من هم يحتاجون ذلك؛ لأنهم أقرب لهم بالظروف والتوجه. التدريب والتأهيل من جهة أخرى قالت الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام "إنسان": إنها أولت التدريب والتأهيل لجميع الأبناء اهتمام كبير حيث تمكنت الجمعية خلال 2018 من تأهيل وتمكين 3200 مستفيد من أبناء "إنسان" من خلال تسعة برامج تم أعدادها وفقاً لخطط استراتيجية مدروسة تخدم الأبناء للاستفادة منها. وأشارت الجمعية إلى أنها تستهدف برامج التوظيف والتمكين والتمويل ومساندة التوظيف وإكمال الدراسة، إضافة إلى الابتعاث الخارجي والترشيح لسوق العمل ووضع خطة مناسبة للدورات المتنوعة التي تخدم كافة المجالات والتخصصات لدى الأبناء، وأنشأت "إنسان" برنامج الملك سلمان للتأهيل والذي يعتبر إحدى الركائز المهمة في برامج التمكين التي تنفذها جمعية إنسان، حيث يتم من خلاله تدريب وتأهيل الأبناء من الجنسين، وترسيخ أهمية العمل في نفوسهم ومساعدتهم في الحصول على فرص وظيفية بمختلف التخصصات. وأطلق البرنامج العديد من المبادرات ومنها مبادرة عصامي في إنسان الذي ينمي روح القيادة لدى الشباب والفتيات وقد اعتمد على معايير عالمية في تصميم نماذج التأهيل القيادي للشباب، ومبادرة أهالينا بهدف تأهيل خريجي الثانوية وهو برعاية بعض البنوك المحلية، ومبادرة للأطفال تتبني نظام التعليم الاجتماعي العاطفي الذي يهتم بتطوير الطفل ومساعدته لفهم شخصيته، ومبادرة للأرامل يتم من خلالها تهيئة الأرملة ورفع مستوى الوعي لديهن. ولقد كان من نتائج هذه الأعمال أن احتلت المملكة المرتبة الأولى على مستوى العالم بحيث أصبحت العاصمة الإنسانية الأولى بعد أن وصلت قيمة المساعدات إلى أكثر من 269 مليار ريال خلال 25 عاماً الماضية حسب الإحصائيات الرسمية وبالتالي تطور العمل الخيري إلى برامج ومبادرات انعكست على المستفيدين بأثر أكثر بعداً وتطوراً ومنها هذه البرامج والمبادرات للاستثمار في العقل البشري والتأهيل في مختلف التخصصات وعلى سبيل المثال لا الحصر مبادرة العراقة للتدريب الخيري التي أعلنت عنها عدة جهات منها الغرفة التجارية بالرياض، وجمعية أعمال، ولجنة تراحم، والموجهة فقط لتدريب مستفيدي الجمعيات الخيرية، وغير ذلك من المبادرات التي يقدمها القطاع الخاص مساهمة منه في المسؤولية الاجتماعية والتي سيكون لها أثر في رفع مستوى المهارات العملية للمتدربين. التدريب الخيري يؤهل المستفيدين لصيانة أجهزة الجوال فيصل العقلا د. ثامر بن غشيان